إنّما الغَيّ أنْ يكونَ رَشيدَا،
إ[align=center]إنّما الغَيّ أنْ يكونَ رَشيدَا،
فانقِصَا مِنْ مَلامِهِ، أوْ فَزِيدَا
خَلّيَاهُ وَجِدّةَ اللّهْوِ، ما دام
رِداءُ الشّبابِ غَضّاً جَديدَا
إنّ أيّامَهُ مِنَ البِيضِ بِيضٌ،
ما رَأينَ المَفارِقَ السّودَ سُودَا
أيّها الدّهرُ! حَبّذا أنتَ دَهراً،
قِفْ حَميداً، وَلا تُوَلّ حَميدَا
كلَّ يَوْمٍ تَزْدادُ حُسناً فَما تَبْــعَثُ
يَوْماً، إلاّ حَسِبناهُ عِيدَا
إنّ في السّرْبِ، لوْ يُساعفنا السّرْبُ،
شُموساً يَمشينَ مَشياً وَئيدَا
يَتَدافَعْنَ بالأكُفّ وَيَعْرِضْــنَ
عَلَيْنَا عَوَارِضاً وَخُدُودَا
يَتَبَسّمْنَ عَنْ شَتيتٍ أرَاهُ
أُقْحُوَاناً مُفَصَّلاً، أوْ فَرِيدَا
رُحْنَ، وَاللّيْلُ قَدْ أقامَ رُوَاقاً،
فأقَمْنَ الصّبَاحَ فيهِ عَمُودَا
بمَهَاةٍ مِثْلِ المَهَاةِ أبَتْ أنْ
تَصِلَ الوَصْلَ، أوْ تصُدّ الصّدودَا
ذاتِ حُسنٍ لوِ استَزَادَتْ من الحســنِ
إلَيهِ، لَمَا أصَابَتْ مَزِيدَا
فهيَ الشّمسُ بهجةً، وَالقضِيبُ الغضّ
ليناً، وَالرّئْمُ طَرْفاً وَجِيدَا
يا ابنَةَ العامريّ! كَيفَ يَرَى قَوْمُكِ
عَدْلاً أنْ تَبخلي، وَأجودَا
إنّ قَوْمي قَوْمُ الشّرِيفِ قَديماً،
وَحَديثاً، أُبُوّةً وَجُدُودَا
وَإذا ما عَدَدْتُ يَحيَى، وَعَمراً،
وَأبَاناً، وَعَامِراً، وَالوَليدَا
وَعَبيداً، وَمُسْهِراً، وَجَدِيّاً،
وَتَدُولاً، وَبُحْتُراً، وَعَتُودَا
لمْ أدَعْ مِنْ مَناقبِ المَجْدِ ما يُقْــنِعُ
مَنْ هَمّ أن يكونَ مُجيدَا
ذَهَبَتْ طَيِّءٌ بسابقَةِ المَجْــدِ
عَلى العَالَمِينَ بَأساً وَجُودَا
مَعْشَرٌ أمسَكَتْ حُلُومُهُمُ الأرْضَ
وَكادتْ من عزّهم أن تَميدَا
نَزَلوا كاهلَ الحِجازِ، فأضْحَى
لَهُمُ ساكِنوهُ، طُرّاً، عَـبـيـدَا
مَنْزِلاً قارَعُوا عَلَيْهِ العَمَاليــقَ،
وَعاداً في عزّها وثَمُودَا
فإذا قُوتُ وَائِلٍ وَتَميمٍ
كانَ، إن كانَ، حَنظلاً وَهبيدَا
ظَلّ وِلْدانُنَا يُغَادُونَ نَخْلاً،
مُؤتِياً أُكْلَهُ، وَطَلعاً نَضِيدَا
بَلَدٌ يُنْبِتُ المَعَالي فَمَا
يَــثّغِرُ الطّفْلُ فيهِ حَتّى يَسُودَا
وَلُيُوثٌ مِنْ طَيِّءٍ، وَغُيُوثٌ
لَهُمُ المَجْدُ طارِفاً، وَتَلِيدَا
فإذا المَحْلُ جَاءَ جَاءوا سُيُولاً؛
وَإذا النّقعُ ثَارَ ثَارُوا أُسُودَا
يَحسُنُ الذّكرُ عَنهُمُ وَالأحاديـثُ
إذا حَدّثَ الحَديدُ الحَديدَا
في مَقَامٍ تَخُرُّ في ضَنْكِهِ البِيــضُ
عَلى البِيضِ رُكَّعاً وَسُجُودَا
مَعشَرٌ يُنجِزُونَ بالخَيْرِ وَالشّرّ
يَدَ الدّهْرِ مَوْعِداً وَوَعيدَا
يَفْرِجُونَ الوَغَى، إذا ما أثَارَ
الــضّرْبُ من مُصْمَتِ الحَديدِ صَعيدا
بوُجوهٍ تُعشِي العّيون ضِيَاءً؛
وَسُيوفٍ تُعشِي الشموسَ وُقودَا
عَدَلوا الهَضْبَ، منْ تِهامَةَ، أحلاماً
ثِقالاً، وَرَمْلَ نَجدٍ عَديدَا
ملَكوا الأرْضَ قبلَ أنْ تُملَكَ الأرْضُ،
وَقادوا في حافَتَيها الجُنودَا
وَجَرَوْا عند مَوْلدِ الدهر في السؤدد
والمَكرُماتِ شأواً بَعيدَا
فَهُمُ قَوْمُ تُبّعٍ خَيرُ قَوْمٍ،
وكفى الله بالفَخَارِ منهم شَهيدَا
بمَساعٍ مَنظُومَةٍ ألبَســـتهُنّ
الليالي قَلائِداً وَعُقُودَا
عبد شمس شمس العريب أبونا
ملك الناس واصطفاهم عــبــيــداً
وطىء السهل والحزونة بالأبــطال
شعثا والخيل قبا وقوداً
وأبو الأنجم التي لا تني تجــري
على الناس نحساً وسعودا
سائلِ الدّهرَ مُذْ عرَفناهُ هل
يَعْــرِفُ مِنّا إلاّ الفَعَالَ الحَميدَا
قَد لَعَمرِي رُزْناهُ كَهلاً وَشَيخاً،
وَرَأيْنَاهُ نَاشِئاً وَوَلِيدَا
وَطَوَيْنَا أيّامَهُ وَلَيَاليــهِ
على المَكرُماتِ بِيضاً وَسُودَا
لمْ نزَلْ قطّ مُذْ ترَعرَعَ نَكْسُوهُ
نَدًى لَيّناً، وَبَأساً شَديدَا
فَهوَ مِنْ مَجدِنا يَرُوحُ وَيَغدُو
في عُلًى، لا تَبيدُ، حتّى يَبيدَا
نحنُ أبْنَاءَ يَعْربٍ أعْرَبُ النّاسِ
لِساناً، وَأنضَرُ النّاسِ عُودَا
وَكَأنّ الإلَهَ قَالَ لَنَا في
الــحرْبِ: كونوا حِجارَةً أوْ حديدَا
البحتري
,[/align]
|