عرض مشاركة واحدة

   
 
  #15  
قديم 10-29-2010, 08:13 PM
بلحارث االيمن بلحارث االيمن غير متواجد حالياً
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,492
افتراضي

الفخر


قبيلة مذحج من القبائل العظيمة في الجزيرة العربية، و فيها من القوة و السؤدد ما يهيئ لشعرائها أن يرفعوا عقائرهم مفاخرين بهذه القوة و بهذا السؤدد، و الشاعر قد يفخر بنفسه من خلال ذاته، أو من خلال الفخر بقومه، و الفخر إنما يحسن إذا كان الشاعر يمتدح بالفضائل النفسية، و الخصال الخلقية بعيداً عن التباهي بالأمور المادية، و القوة الجسدية والتفاخر بالأنساب و الأصول و القبائل، و لكن كل هذه الصفات من الفخر كان مقبولاً في العصر الجاهلي و يجد أذناً صاغية، و لذلك وجدناها في شعر مذحج، فمن الفخر بالفضائل النفسية، و الخصال الحميدة الخلقية قول مويال بن جهيم المذحجي:




ألم تعلمي يـا عمـرك الله أننـيكريم على حيـن الكـرام قليـلُ
وأني لا أخـزى إذا قيـل مملـقٌسخيٌ، وأخزى أن يُقـال: بخيـلُ
وإن لا يكن عظمي طويلاً فإننـيله بالخصال الصالحات وصـولُ
ولا خير في حسن الجسوم وطولهاإذا لم يزن حُسن الجسوم عُقـولُ
ولم أر كالمعـروف أمـا مذاقـهُفحلـوٌ، وأمّـا وجهُـهُ فجمـيـلُ



أما الفخر بالأمور المادية، والقوة الجسدية والشجاعة، فذلك ليس غريباً على قبائل مذحج المحاربة ذات القوة والبأس والشدة، فلقد وجد فيها الشجعان الفوارس أمثال: عمرو بن معد يكرب الزُبيدي والمكشوح المرادي و غيرهما من الأبطال، و قد وجدنا أن أكثر شعرها كان الفخر بالشجاعة، و منازلة الأعداء، و خوض المعارك، فهذا مخرّم بن يزيد الحارثي يفخر بشجاعته و شجاعة قومه و قتلهم أعداءهم و ملء الأرض منهم بالجثث حيث يقول:




و خيـل قـد لبستهـم بخيـلٍتخوض الموت في يومٍ عصيبِ
ملأنا الأرض من قتلى نُميـرٍبرغمٍ كان منّـا فـي القلـوبِ
تركنا فيهـم العقبـان جثـلاوقوفاً بين أضـلاع الجنـوبِ



أما الأسعر الجعفي فيفخر بشجاعته التي تتضح في أنه قصد رئيس أعدائه فقتله و جعله تحت سنابك الخيل حيث يقول:




و مرأسٍ أقصدت وسط جموعهوعِشار راعٍ قد أخذتُ فما ترى
ظلّت سنابِكُها علـى جثمانـهِيلعبن دحروجَ الوليد وقد قضى
ولقد ثأرتُ دماءنا مـن واتـرٍفاليوم إن زار المنونُ قد اكتفى



والفخر بفرض الرأي ولو كان باطلاً و جائراً، دلالة عند بعض المذحجيين على القوة والشجاعة، و قد فخر بذلك عمرو بن قعّاس المرادي حيث قال:




أُثبّتُ باطلي فيكون حقّـاًو حقّاً غير ذي شُبهٍ لويتُ



و يفخر عمرو بن عبدالله المذحجي بشاعته التي يعرفها عنه حيّا سعد و مذحج و أنه في المعركة لا يقابل إلا الأبطال الشجعان و لابسي الدروع فيصرعهم حيث يقول:



و من أبلغ ما فخر به عمرو بن معد يكرب على شجاعته قوله:




ذكرٌ على ذكرِ يصولُ بأبيضِذكرُ يمانِ في يميـن يمـانِ



ولا غرابه أن يفخر شعراء مذحج بقبيلتهم القوية المحاربة فهذا عفير بن جندل الحماسي يفخر بشجاعة قومه وماهم فيه من قوة و منعة حيث يقول:




ذلك ممشى جياد قومـي وفيهـمكوكـب العـزّ حولـه التأييـدُ
وإذا أجردوا الصوارم في الرّوعحفاظـاً وبـوشـر التجـريـدُ
واستهلت زرق الأسنة في السّمرِولاح السّـنـور الـمـسـرودُ
يتفيئون حين تحتجـم الشمـسوتحمـى الهجيـرة الصيخـودُ
في ظلال الرّماح والخيل ممّـالفحتها السّموم والشمـس قـودُ
ولنا تعزف المسوهـة النجـلاءشـزراً والضربـةُ الأخــدودُ



وافتخر عمرو بن قعاس المرادي بقومه و شجاعتهم و ببأسهم و غلبتهم لعدوهم حيث قال:




بنو غُُطيفٍ أُسرتي في الوغىهم خير من يعل متون الرّحال
سائل بنا حمير يـوم الوغـىإذا استخفّوا هُدّجـاً كالرّئـال



أما بعد دخول قبائل مذحج في الإسلام، كان أعظم ما يفتخر به شعراءها نعمة الإسلام الذي منّ الله به عليهم، و أشادوا بمناصرتهم للدين الجديد، و قيامهم بشعائره، من ذلك قول عبدالحارث بن أنس الحارثي الذي ثبت على الإسلام عندما ارتد بعض أهل اليمن، و أخذ يدعو قومه بالتمسك بالدين الحق حيث قال:




نحن بحمـد الله هامـةُ مذحـجِبنو الحارثِ الخيرْ الذين هم مدر
ونحنُ على دين النبيّ نرى الذينهانا حراماً منه والأمر ما أمر



و قال ذباب الجعفي مفتخراً، بتحوله من الشرك إلى الإسلام، داعياً قومه للدخول في هذا الدين الحق:




تبعت رسول الله إذ جاء بالهـدىو خلّفـتُ فَرَضـاً بـدارِ هـوانِ
شـددت عليـه شـدّةً فتركـتـهكأن لم يكن والدهـر ذو حدثـان
فلمـا رأيـتُ الله أظهـر دينـهُأجبتُ رسولَ الله حيـن دعانـي
فأصبحت للإسلام ما عشت ناصراًوألقيـت فيـه كلكلـي وجرانـي
فمن مبلغٌ سعـدَ العشيـرةِ أننـيشريتُ الذي يبقـى بآخـر فانـي



وارتجز عمار بن ياسر العنسي رضي الله عنه أثناء بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم في المدينة مفتخراً بالإسلام و ببناء المساجد فقال:

نحن المسلمون نبتني المساجدا


الحماسة

و يلي شعر الفخر في الكثرة، شعر الحماسة، و هذا يتناسب مع طبيعة القبيلة المحاربة، و كثير من أشعار الأسعر الجعفي و عمرو بن معد يكرب الزبيدي و المكشوح المرادي، و يزيد بن عبدالمدان و ****الله بن الحر الجعفي و الأشتر النخعي، يكثر فيها ذكر الحرب و وصف بدايتها و وسطها و نهايتها، و شعر الحماسة قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بشعر الحرب، لأنه مقدمات للحرب و دعوة إلى إشعالها، و احتدامها، و خوض غمارها و من شعر الحرب ذكر الغارة، و وصفها، و ذكر وقتها، و قد ذكر الديّان بن قطن الحارثي تلك الغارات التي كانوا يشنونها على أعدائهم في مخلتف الأوقات منها تلك الغارة التي كانت وقت الصباح والتي يقول عنها:




صبّحنا تغلباً و سـراةَ بكـرٍبداهيةٍ يشيـب لهـا الوليـدُ
نخاوي يترك الأحزان قاعـاًلها في الشمس ما اتلقتْ وقودُ
كأن كُماتهـا بـزّلٌ تخطّـيبأوسـاقٍ و قابلهـا سعـودُ
فأردينا سراةً ليس تحصـىلها فيهم إذا حُسبـتْ عديـدُ
فطاروا عن تهامتنا شعاعـاًوفلّهم بحيث جـرى شريـدُ
فقالوا و الحديدُ غداة يُعْنـيفليـس يفُلـه إلا الحـديـدُ



و ممن ذكر الغارة الحصين بن يزيد الحارثي، عندما أغار على إبل لبني زحن، و إبل لقيس بن جنادر حيث قال:




أغرْنَ فلمْ يدعْنَ لآل زَحْنٍولابنِ جِنادرٍ قيسٍ بعيـرا



و من شعر الحماسة ما يتحدث فيه الشاعر عن نهاية المعركة التي خاضها قومه ضد عدوهم، و كيف انتصروا فيها، و خلفوا قتلى من الأعداء، من ذلك ما ذكره كعب بن الحارث الغطيفي عن وقعة كانت لهم مع بني عامر بن صعصعة، بالعُرقوب، حيث وصف نتيجة المعركة بقوله:




لقد علم الحيـان كعـبٌ و عامـرٌوحيّا كِـلابٍ جعفـرٌ و وحيدُهـا
بأنا لدى العُرقوب لم نسأم الوغـىفقد قلقت تحت السّـروج لبودُهـا
تركنا على العُرقوبِ، والخيل عُكّفٌأساودَ قتْلى لـم تُوسّـد خُدودُهـا
كذلـك ناشيْنـا و صبـرْ نفوسنـاونحن إذا كُنّـا بـإرضٍ نسودهـا



و من شعر الحماسة الذي اشتمل عليه شعر مذحج، ما يعرف بالـ "المنصفات" و هي التي يعترف فيها الشاعر ببسالة عدوهم و شجاعتهم، و أنهم كانوا لهم أكفاء في هذه الحرب، و اشتهر من مذحج بقصائد "المنصفات" الحربية عمرو بن معد يكرب الزبيدي، بخاصة في حروبه مع بني سُليم و رئيسها عباس بن مرداس. و هذا فروة بن مسيك المرادي يذكر معركة كانت لقومه مع السّكون، و لم يظفر أحد منهم بالآخر، بل كل من الفريقين قد أصابته ضربات سيوف الآخر، و سال من الطرفين الدماء حيث قال:




تجاوزنا لفيفَ بموشكـاتٍو زرنا في مساكنها السّكونا
و لاقينا فوارس غير ميـلٍعجال الطّعنِ غير معرّدينا
كأن ثيابنـا منـا و منهـمخُضّبن بأُرجوانٍ أو طُلينـا
فآبت خيلُنا قُطفـاً و فيهـمنوافذُ مـن أسنتنـا وفينـا




الوصف


إن كثرة قبائل مذحج جعلتها متحركة في مناطق عدة و واسعة في جنوب الجزيرة العربية، و قد اختلفت تضاريس بلادها باختلاف المناطق التي استوطنتها فسكنت الجبال و بطون الأودية و الصحراء، و الأفراط، و وصف شعراؤها تلك البيئة و وصفوا حيواناتها، و سماءها، و أرضها، و نباتها، و قبائل مذحج مثلها مثل سائر العرب في العصر الجاهلي كانت البيئة التي يعيشونها تسيطر على شعر الوصف لديها، و قد توافر ذلك الشعر على وصف مختلف عناصر الطبيعة المحيطة بهم، و هذا أبو الأشعث الجنبي يصف مفازة صيهد اثناء مروره بها، و يصف سعتها، ورياحها و برقها، و يصف طيورها التي شاهدها كالقطا و الغراب و يصف النجوم والجبال حيث يقول:




هـلا أرقـت لبـارقٍ متهـجـدِبرقٌ يولّـع فـي حبـى مُنجـدِ
بـرقٌ يذكـرك الخريـدة أنهـاعلقت علائقهـا طـوال المسنـدِ
حزأت حوازي في حياتي أن أرىما كنت أوعدُ من مفازة صيهـدِ
فـإذا مفـازةُ صيهـد بتنـوفـةٍتيـهٍ تظـلُ رياحهـا لا تهتـدي
و تظل كدرٌ مـن قطاهـا ولّهـاًو تروحُ من دونِ المياهِ و تغتدي
بلد تخالُ بهـا الغـرابُ إذا بـداملكاً يسربل في الرّياط و يرتدي
فسألت حيـن تغيبـت أعلامنـامن حضرموتً أي نجـمٍ أهتـدي
قالوا: المجـرةَ أو سهيـلاً باديـاًثـم اهتـدوا بقفولِهـم بالفـرقـدِ
نتجشّم الأهـوال نبغـى عامـراًمتحزّنين عليـه إن لـم يوجـدِ



و وصف شعراء مذحج الخيل وصفاً دقيقاً، و ذلك لتعلقهم بها و إعجابهم بها، و قد أكثر فرسانهم من ذلك الوصف، فهذا الأسعر الجعفي يصف خيله فيقول:




نهدُ المراكِلِ مُدمـجٌ أرْساغُـهُعَبْلُ المعاقِمِ لا يُبالي ما أتـى
أمّـا إذا استقبلـتـه فكـأنـهبازٌ يكفكفُ أنْ يطير وقد رأى
وإذا هـو استدبرتـهُ فتسوقُـهُرِجْلٌ قموصُ الوقعِ عاريةُ النّسا
وإذا هو استعرضتـه متمطـراًفتقول هذا مثلُ سرحانِ الغضى



والذي يستطلع شعر مذحج بعامة و شعر الأفوه الأودي و عمر بن معد يكرب منه بخاصة يجد أوصافاً كثرة للخيل يطول المقام بإيرادها هنا.

اسف اخي الادمن علىالاطاله وهناك مواضيع موجوده اذا احبابت ان انزلها تبع موضوعك ولي رده لاهنت
رد مع اقتباس