![]() |
لماذا نُصفّق للسيّاف في ساحة القصاص !؟
حليمة مظفر ...الوطن
لم تفاجئني حدة وقسوة التعليقات التي حاولتُ قراءتها على كل خبر صحفي كان قد نشر لمتابعة قضية أطراف "أحمر بالخط العريض" حتى آخر خبر عن القضية بالأمس، سواء هنا بصحيفة الوطن أو في الصحف المحلية والمنتديات الإلكترونية والمواقع الأخرى، فكثيرون جدا يريدون زيادة العقوبات ومضاعفتها سجنا وجلدا، وبلغ ببعضهم المطالبة بالقصاص منهم، وهناك من أبدى رغبته بحضور جلدهم؛ كي يمتع عيناه بضرب السوط وأذناه بصراخهم!. أقول لا يفاجئني ذلك، لأنها صدرت من أفراد أخشى أنهم كثر ـ للأسف الشديد ـ منتمين إلى مجتمعنا، أفراد يذهلك أنهم لا يترددون في التصفيق والتصفير تشجيعا لذاك السياف الذي يوشك سيفه في الوقوع على عنق قاتل ليفصله عن جسده في ساحة القصاص أمام أعينهم، فيما هم يتجمهرون مصفقين، وكأنهم يشاهدون مشهدا من فيلم رعب سينمائي يتم تصويره أمامهم، دون احترام لحرمة الموت ورهبة الدماء!! أفراد يحملون من الغضب ما يجعلهم لا يفرحون إلا بإصدار العقوبة الشديدة على من يصدق القانون على أنه مذنب ولو كان يستحق عقوبة خدمة اجتماعية كالسارقين اللذين أرغمهما جوعهما وفقرهما على أن يسرقا خروفين فقط، ليعاقبا بالسجن والجلد بالآلاف! فيما الرحمة يمكن شراؤها بالمال وليس بأي مال ؟ بل ويساومون بالملايين و"الجمسات" كي تُشترى للعفو عن رقبة قتلت أبا أو أخا أو ابنا عزيزا. أفراد لا يترددون في سلب حياة امرأة شريفة أو فتاة صغيرة بريئة؛ لمجرد سماعهم ما يمسها ولو كذبا وافتراء، ليقبض على روحها برصاصة؛ عادة توصف بـ"طائشة" أطلقت أثناء تنظيف مسدسه أو صادرة من "مختل عقلي" لينعم ببرودة الحياة في أطرافه بعد دفنها ! أفراد لا يترددون في سلب حياة غيرهم حين يعترضون طريقك بسيارتهم، وكأن الطريق ملك خاص للواحد منهم، وإن لم تستجب، يعاجلك بحركة سريعة من سيارته كي تفقد سيطرتك على القيادة، دون أن يبالي بحياة أطفالك معك، وإن لم يتمكن ؟ يقذفك بالشتائم والضرب بـ"العقال"، وربما لا يخيفه إن أرداك قتيلا؛ فقبيلته ستجمع الملايين وتوسط الشفاعات لشراء الرحمة من أهلك؛ وتنجو رقبته، وأترك سرد الباقي لكم. وأعود وأقول لا يفاجئني، بل يرعبني أن يكون بيننا أفراد من لحم ودم، وتفكير ملوث بالكره والشر والجاهلية، ينتمون لمجتمع قائم على دين الرحمة والمحبة والسلام؛ وأتساءل ما الذي أبدل الرحمة الإنسانية في قلوبنا بقسوة تغالي في رؤية تعذيب الآخرين وتصفق وتستمتع بألمهم ؟ أين علماء الاجتماع ومحللي علم النفس وبحوثهم الأكاديمية عن رصد ذلك ؟ علينا أن نعترف أن لدينا مشكلة خطيرة ؟ ونبحث لها عن علاج سريع وفعّال، وإلا فعلينا بناء مزيد من السجون ودور للأحداث ودور الأيتام والحماية الاجتماعية!! |
الساعة الآن 12:03 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd diamond