المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدولة الفاطمية من سنة 297 ـ 567هـ


هجوووم
08-03-2010, 01:48 PM
الدولة الفاطمية من سنة 297 ـ 567هـ

في المغرب

قد علمت حال الشيعة في أيام بني أمية في الشام وما قاسوه من القتل والصلب ثم ما كان من حالهم في الدولة العباسية وخصوصاً في أيام المنصور والرشيد والمتوكل من الاضطهاد والقتل فحملهم إلى الفرار إلى أطراف المملكة الإسلامية فهاموا على وجوههم شرقاً وغرباً، وكان في من جاء منهم نحو الغرب إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى أخو محمد بن عبد الله الذي بايعه المنصور ثم نكث بيعته، فأتى إدريس مصر وهي يومئذ في حوزة العباسيين فاستخفى في مكان أتاه إليه بعض الشيعة سراً ومنهم صاحب البريد فحمله إلى المغرب في أيام الرشيد فتلقّاه الشيعة هناك وبايعوه فأنشأ دولة في مراكش عرفت بالدولة الإدريسية من سنة 172 ـ 375هـ على أن هؤلاء لم يسموا أنفسهم خلفاء.

أما ظهور الشيعة وتغلّبهم وارتفاع شأنهم حقيقة فالفضل فيه للدولة الفاطمية نسبة إلى فاطمة بنت النبي (صلّى الله عليه وآله) لأن أصحابها ينتسبون إليها وتسمى أيضاً الدولة ال****ية نسبة إلى مؤسسها **** الله المهدي، وكان شأن الشيعة قد بدأ بالظهور في المشرق على يد بني بويه في أواسط القرن الرابع للهجرة.

ولما تغلب البويهيون على بغداد كانت الدولة الفاطمية قد اشتد ساعدها في المغرب وهمّت بفتح مصر. وكان آل بويه يغالون في التشيع ويعتقدون أن العباسيين قد غصبوا الخلافة من مستحقيها فأشار بعضهم على معز الدولة البويهي أن ينقل الخلافة إلى ال****يين أو لغيرهم من العلويين فاعترض عليه بعض خاصته قائلاً: (ليس هذا برأي فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة لو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلّين دمه ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته فلو أمرهم بقتلك لقتلوك) فرجع معز الدولة عن عزمه.

على أن الشيعة اعتزت في الشرق بهذه الدولة وأحيى البويهيون كثيراً من الاحتفالات الدينية الشيعية ومنها عاشوراء ذكرى مقتل الحسين (عليه السلام) وحملوا الخليفة على أن يخطب لعضد الدولة في بغداد أي أن يذكر اسمه في الخطبة فخطب له وهو أول من خُطب له فيها، فوقع التحاسد بين الأتراك والديلم هناك ونشأت الفتن بين السنة والشيعة من ذلك الحين والترك يمثلون السنة والديلم أو الفرس يمثلون الشيعة، فحمل الأتراك أهل بغداد على الاحتفال ببعض الأعياد عكس احتفال الشيعة نكاية بهم.

الشيعة في مصر

على أن ظهور الشيعة في الشرق هوّن على الدولة ال****ية فتح مصر والانتقال إليها وكانت قصبتها قبلاً المهدية بأفريقية وخلفاؤها ينتسبون إلى الحسين بن علي (عليه السلام). والمصريون كانوا يحبون علياً (عليه السلام) من صدر الإسلام وكانوا من حزبه يوم مقتل عثمان ولكن قلما كان لهم شأن في الشيعة العلوية لأن العلويين استنصروا أولاً أهل العراق وفارس كما تقدم فلما قامت الدولة العباسية ولاحقهم المنصور بالقتل والحبس وقتل محمد بن عبد الله الحسني وبعض أهله من بني حسن وفرّ سائر العلويين من وجه الدولة العباسية كان في جملتهم علي بن محمد بن عبد الله فجاء مصر بعض رجال الشيعة بأمر دعوته لكنه ما لبث أن حمل إلى المنصور واختفى.

وكان حال الشيعة العلوية بمصر يتقلّب بين الشدة والرخاء بتقلّب أحوال الخلفاء في بغداد حتى إذا اختلفت أحوال الدولة العباسية في بغداد وتغلّب آل بويه عليها في القرن الرابع للهجرة أخذ حزب الشيعة ينتعش ويتقوّى فلما جاءهم جند المعز لدين الله الفاطمي سنة 356هـ بقيادة جوهر الصقلي كانت الأذهان متأهّبة لقبول تلك الدعوة ففتح جوهر مصر على أهون سبيل وخطب فيها للعلويين وأقام شعارهم وأزال شعار العباسيين وبنى مدينة القاهرة وانتقل إليها مولاه المعز لدين الله وتوالى من دولة الفاطميين بمصر عشرة خلفاء وجملة خلفائهم منذ أنشأوا دولتهم في أفريقيا إلى انقضائها بمصر 14 خليفة حكموا من سنة 297 ـ 567هـ وانتقلت مصر منهم إلى الأكراد الأيوبيين.

سياسة الدولة الفاطمية

إن الفاطميين أيّدوا كل ما يوافق مذهب الشيعة من إيثار العلويين وتقديمهم والعمل بأقوال أئمتهم. فألّف يعقوب بن كلس وزير العزيز بالله الفاطمي كتاباً يتضمّن الفقه على ما سمعه من المعز لدين الله وابنه العزيز بالله وبوّبه على أبواب الفقه وهو يشتمل على فقه الطائفة الإسماعيلية. وقد بذلت الدولة الفاطمية جهدها في نشر هذا الفقه بين المسلمين حتى كان الوزير المشار إليه يجلس بنفسه لقراءة هذا الكتاب على الطلبة وبين يديه خواص الناس وعوامهم وسائر الفقهاء والقضاة والأدباء، وجعله مرجع القضاة في الفتوى وأفتى الناس به ودرسوه في الجامع العتيق وعمل الخلفاء على ترغيب الناس في حفظه بالبذل والعطاء فأجرى العزيز بالله على 35 رجلاً من الفقهاء يحضرون مجلس الوزير ويلازمونه أرزاقاً تكفيهم فضلاً عما كان يصلهم من مال العزيز بالله في الصِلات السنوية وأمرهم ببناء دار إلى جانب الجامع الأزهر وكان يخلع عليهم في عيد الفطر ويحملهم على البغال ترغيباً لهم في نشر فقه الشيعة وتعاليمهم وأجلسوا أناساً في قصر الخلافة لقراءة علوم أهل البيت على الناس لأن بانتشار ذلك المذهب تتأيّد تلك الدولة لارتباط السياسة بالدين.

أدوار الدولة الفاطمية




مرت الدولة الفاطمية في ثلاثة أدوار تشبه الأدوار التي مرت بها الدولة العباسية، فقد رأيت أن نفوذ الكلمة في الدولة العباسية كان في أوائلها مشتركاً بين العرب والفرس ثم صار إلى الفرس ثم إلى الأتراك، والفاطميون عرب قامت دولتهم بالعرب والبربر فكان النفوذ في أولها مشتركاً بين هذين العنصرين ثم صار إلى البربر ثم إلى الأتراك. وللبربر فضل كبير في نشر الإسلام بأواسط أفريقيا مثل فضل الأتراك في نشره بأواسط آسيا إلى الهند والصين، لأن البربر لما ثبت الإسلام فيهم نهضوا لفتح ما وراء بلادهم في أفريقية الغربية فنشروا الإسلام هناك.

فلما كانت الدولة الفاطمية في المغرب كان البربر من أنصارها، فلما أفضت الخلافة إلى العزيز بالله بن المعز سنة 365هـ، أراد التشبّه بالعباسيين فاصطنع الأتراك والديلم واستكثر منهم وقدّمهم وجعلهم خاصته كأنه خاف على حياته من البربر، فقامت المنافسة بين البربر والأتراك وعظم التحاسد حتى توفي العزيز بالله وخلّفه الحاكم بأمر الله سنة 386هـ وكان يعتقد فضل البربر فقدمهم وقرّبهم فاشترطوا أن يتولى أمورهم ابن عمار الكتامي (من البربر) فولاه الوساطة وهي كالوزارة عندهم، فاستبد في أمور الدولة وقدّم البربر وأعطاهم وولاّهم وحطّ من قدر الغلمان الأتراك والديلم الذين اصطنعهم العزيز، فاجتمعوا إلى كبير منهم اسمه برجوان وكان صقلبياً وقد تاقت نفسه إلى الولاية فأغراهم بابن عمار حتى وضعوا منه فاعتزل الوساطة وتولاّها برجوان فقدّم الأتراك والديلم واستخدمهم في القصر، ثم بدا للحاكم أن يقتل ابن عمار فقتله وقتل كثيراً من رجال دولة أبيه وجدّه فتضعضع البربر وقوي الأتراك.

فلما ملك المستنصر سنة 427هـ أصبح الجند طائفتين كبيرتين تتناقسان وتتسابقان إلى الاستئثار بالنفوذ فآل التنافس إلى حرب تعبت بها مصر واضطر الخليفة إلى استنصار الشام فأتاه أمير الجيوش بدر الجمالي من سوريا وهو أرمني الأصل فقتل أهل الدولة وأقام بمصر جنداً من الأرمن وصار من حينئذ معظم الجيش منهم وذهب نفوذ البربر وصاروا من جملة الرعية ولم يبق لهم شأن في الدولة بعد أن كانوا وجوهها وأكابر أهلها واستقل (نور الدين) من الأتابكة في الشام. وكانت خلافة مصر قد أفضت سنة 555هـ إلى العاضد بن يوسف وكان ضعيف الرأي وقد غلب وزراؤه على دولته وتنافسوا على الاستئثار بالنفوذ وطال تنافسهم حتى أخربوا البلاد والخليفة لا يستطيع عملاً. وكان في جملة المتنافسين وزيراً اسمه شاور قد غُلب على أمره فذهب إلى نور الدين زنكي واستنجده على رجل آخر كان ينافسه في الوزارة فاغتنم نور الدين تلك الفرصة للقبض على مصر وأنجده بأسد الدين شركويه في جندٍ من المماليك. وكانت الحروب الصليبية في تلك الأثناء قد احتدمت فزاد تدخّل نور الدين في شؤون مصر ونائبه فيها شركويه ومعه ابن أخيه يوسف بن نجم الدين وهو صلاح الدين الأيوبي. ومات شركويه بمصر سنة 564هـ فخلفه صلاح الدين في منصب النيابة وكان صلاح الدين من أهل المطامع الكبرى فلما قبض على أزمة النيابة وهي كالوزارة ورأى ضعف الخليفة أراد مصر لنفسه وليس لأميره نور الدين. فلما مات العاضد خطب صلاح الدين بالقاهرة للخليفة العباسي ونقل حكومة مصر من الشيعة إلى السنّة وقبض على أزمة الأحكام، وعمد صلاح الدين ومَن خلّفه من أهله إلى الاستكثار من المماليك الأتراك والجراكسة للجندية على جاري العادة في تلك العصور حتى إذا كثروا استبدّوا في شؤون الحكومة وطمعوا بالسلطة، فلما ضعف أمر الدولة الأيوبية قبضوا هم على أزمة الحكومة وأنشأوا بمصر دولتين عرفتا بدولتي السلاطين المماليك وهما المماليك البحرية والمماليك البرجية حكمت الأولى من سنة 648 ـ 792هـ والثانية من سنة 784 ـ 923هـ وكانتا تبايعان للخليفة العباسي وهو مقيم في بغداد. فلما جاء التتر وفتحوا بغداد سنة 656هـ وقتلوا الخليفة العباسي (المستعصم) فرّ من بقي من بني العباس والتجأوا إلى سلاطين مصر على عهد الملك الظاهر بيبرس وظلوا فيها والبيعة لهم حتى جاء السلطان سليم الفاتح العثماني وفتحها سنة 923هـ والخليفة العباسي عامئذ المتوكل على الله آخر خلفائهم فبايع للسلطان سليم وسلّم إليه الآثار النبوية فانتقلت الخلافة من العباسيين إلى العثمانيين من ذلك الحين.

سيف بير جابر
08-09-2010, 08:50 PM
يعطيك العافيه اخى حسين بن غرزه علاا هذى المعلومات القيمه و الجهد المبذول منك
تقبل مرورى

الط
08-10-2010, 04:06 PM
مشكور اتمنى لو ذكرت مصدر المعلومات فأنا أعلم ان كتب كثيره كتبها المستشرقين وغيرهم تصف الفاطميين عليهم السلام بما لايليق وهذا يناقض مانرى من أدله قائمه الى اليوم فالازهر بناه الفاطميون وهم من بنوا القاهره (قاهرة المعز) وبنو المهديه في تونس وهم من الف كتب لاحد لها في العلوم الفلسفيه وغيرها ومنها (اخوان الصفا) الذي حير الغرب الى اليوم...لكن للأسف التاريخ يتبع السلطه وكانت سلطة الدوله الايوبيه بعدهم تحاول مسح مااوجده الفاطميون واول مافعلته حرق المكتبات الفاطميه لدرجة ان الحبر غير لون نهر النيل.....واظن ان المستشرقين حاولوا وصف هذه الدوله بما لايليق خدمة للكنيسه.

تحياتي