عندما يتجدد الأمل..
عندما يطول بي الطريق , وينهكني التعب , ويتسلل السأم إلى نفسي , وأنظر إلى هدفي فأراه لايزال بعيداً , لا أجد سوى ربي , فأناجيه بكل فقر وذلة , وأرجوه وألهج بذكره , فيتجدد عندي الأمل في قوة سير جديدة ..
وعندما أشعر بوحدة مسيرتي , تقلبني الدنيا بين أمواجها , أغوص في أعماقها فتنقطع أنفاسي , وتؤلمني عقباتها المتتابعة , لا أجد سواك ربي , فلا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك , فأذكر رحمتك , فيتجدد عندي الأمل في صبيحة يوم جديد , ورؤية شمس صبوحة..
حينما يلتهي عني الإخوان , وينساني القريبون والأحباب , ويتخلى عني الصديق والجار , فليس لي سواه سبحانه هو الصاحب في السفر والخليفة في الأهل,, فأرحل وقد تجدد عندي الأمل..
وحينما يطول بي الليل بأحزانه , ويرهقني النهار بهمومه ومشكلاته , فسرعان ما أسمع نداء الصلاة يعلن قرب طلوع الصباح , وشقشقة الطيور وتغريدها , فيتجدد عندي الأمل في نهار بلا آلام وليل بلا أحزان..
وعندما يصيبنا مرض أو داء , ويظل ملازماً لنا بعض الوقت , ويقول الأطباء إنه ضيف ثقيل طويل البقاء , ويهمس الناس إنه وباء أو بلاء , فليس لي سواه سبحانه , فأرفع يدي إلى السماء بالدعاء والبكاء والرجاء , فأشعر إنه يسمعني ويراني فأسعد وأبتسم ويتجدد عندي الأمل في الشفاء مهما طال زمان المرض..
وحينما أسمع الأخبار , فأعلم إن في الثغور المحتلة شهداء , وأسمع قول الله تعالى :" من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه .." , فأتذكر كيف يصدق الصادقون ويثبتون حتى لقاء الله , صدقوه فصدقهم , وأحسنوا الظن به فرزقهم الشهادة , فيتجدد عندي الأمل في صادقين يحملون هم دينهم وأمتهم ..
وحينما أمنع نفسي عن سوء تزينه الشياطين , فأستغفر الله , وأدق باب التوبة والإنابة ,وأهرول إلى طاعة الله , فأشعر بالسعادة تغمرني , وبالأمان يحيطني من كل جانب , ويتجدد عندي الأمل في حياة كلها إيمان..
وحينما ألتقي يتيماً كسيراً أو فقيراً معدوماً , أشكر الله أن شرفني بمسح رأس اليتيم , ومعونة المعدوم , وأبذل نفسي لإسعاد من حولي , مهما كلفني ذلك من عناء , وأعجز عن التعبير عما بداخلي , فأصمت وتنهمر مني الدمعات ,وأنظر إلى السماء , فأعلم إنه يراني ويعلم ما أريد , ويتجدد عندي الأمل في مجتمع أبناؤه باذلون معطاؤون..
وحينما أقبل يد أبي , وأرى منه إبتسامة الرضا , وأسمع منه حروف الدعاء أنتشي من السعادة الغامرة , ويتجدد عندي الأمل في إستجابة دعائه النقي الصادق..
إنه الأمل الصادق , والرجاء في الله وحده لا في خلق أو مخلوق , إنه أمل ليس فيه علواً في الأرض ولا فساد , وليس فيه حب الدنيا ولا كراهية الموت , بل يملؤه شكر النعمة على الإسلام , ورجاء في رحمة الله
إنها البشرى التي أنتظرها في كل ساعة , فاليوم بناظري أحسن من أمس , وغداً في رجائي سيكون أفضل من اليوم , فأتشبث بحسن الظن بالله الجواد الكريم , وأفرح بالحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي .."
لقد أبتدأت بشراي بالفعل لحظة كتابة تلك الكلمات , وارتفع الآن صوت آذان الفجر , يؤذن بانتشار كلمة التوحيد في الربوع , وتبليغ الرسالة السامية إلى الخلق أجمعين , ويالها من فرحة أن تكون آخر كلماتي " لاإله إلا الله " ... ويتجدد عندي الأمل..
مما أعجبني .. دموع الورد