..ذلك هو سلمان بن عبدالعزيز
بقلم: محمد الوعيل
تبقى العلاقة بين القيادة والمواطن، سمةً مميزةً وعلامةً فارقةً لمنهج الحكم في بلادنا، ولقد تعلّمنا على هذه الأرض، قيمة هذه العلاقة، وأدركنا أبعادها الحياتية، من خلال العديد من المواقف التي أثرتها وصاغتها في بوتقة الوطن الكبير، لتتعمَّق بين القائد والمواطن، تلاحماً ووفاءً وإخلاصاً.. حتى في أشد اللحظات.وحينما أعلن الديوان الملكي بالأمس، نبأ مغادرة الأمير سلمان بن عبدالعزيز، مشفاه، منهياً فترة العلاج، عقب العملية الجراحية التي أجريت لسموه قبل أيام، استبشرنا جميعاً خيراً، نحن الذين شهدنا تظاهرة الحب الكبير بين سموّه وبين جميع المسؤولين والمواطنين، الذين أفاضوا في مشاعرهم والتفوا حوله، في مرضه، وفي غربته، ليكون ذلك دليلاً على مكانة هذا الرجل في القلوب، بأفعاله وأقواله ولمساته ومبادراته.كم كان رائعاً الأمير سلمان، الأب الروحي لمنطقة الرياض، حينما تسامى على آلامه، واعتذر لإخوانه وأفراد أسرته والمواطنين الذين طلبوا الحضور لزيارته خصوصاً في هذا الشهر الفضيل مقدراً لهم ذلك، مطمئناً الجميع بأنه ينعم بوافر الصحة والعافية.. مسجلاً بذلك نوعاً من الإيثار.
كم كان رائعاً، عندما تخوّف من المشقة على الآخرين. ومفضلاً راحتهم، مع أن الإنسان في تلك اللحظات يكون أحوج إلى محبيه ومريديه، مستمداً منهم القوّة ـ بعد الله ـ في مواجهة الألم، لكنه بنفس الشجاعة وروح الأبوّة يتعامل ليضرب مثلاً وقدوة طيبة.
في محطات عديدة من حياتي المهنية والشخصية، اقتربت من شخصية الأمير سلمان، ولمست أسلوبه في إدارة الحكم، أو في إدارة الحياة .. مع الناس، مع المواطن، مع الخير بشكل عام، وجدت مجموعة رجال اجتمعت في رجل واحد .. هو سلمان بن عبدالعزيز .. الرجل الذي يترك بصمةً شخصية في كل لقاء أو في كل زيارة، وهو ما اعترف به كل من التقى به من مواطنين، أو شخصيات عربية أو أجنبية .. حتى في زياراته الخارجية للعديد من الدول، رأيت بنفسي، كمَّ التقدير والإعجاب بشخصه، وكانت مراسم استقباله لا تقل أبداً عن مراسم استقبال زعماء ورؤساء الدول. كانت تعاملاته ـ حتى في مجالسه الخاصة ـ لا تختلف كثيراً عن توجيهاته، شخصيته التي استوعبت مفاهيم الإدارة والحكم، هي نفس الشخصية التي انصهرت وتغلغلت في التفاصيل الصغيرة للحياة، وتعمّقت في دهاليز النفس البشرية، لذا كان الجميع يحيطونه بدعواتهم وقلوبهم تزداد اتساعاً بحبٍ وولاء.
ذلك هو سلمان بن عبدالعزيز..
ذلك هو المواطن، والأمير ... الذي جمع كل صفات الخير، ليبقى علامةً ومنارةً تستحق التحية، والتهنئة والثناء.