الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************************
قال الله تعالى (فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لاَ تَعْلَمُونَ) .
كثيرة هي الأسئلة التي يثيرها العقل والفضول البشري ، والتي يبتغي بها الوصول إلى أعلى مراتب اليقين والمعرفة في القضايا العقائدية وفي الإلهيات ، ومن تلك المسائل ، يسأل البعض :
السؤال التالي : ما هو أول شيء خلقه الله تعالى ؟
فالبعض يقول القلم ..
والبعض يقول السماء ..
وأقوال أخرى متعددة ..
ما أصح الأقوال ؟
الجواب :
تعددت الأقوال في أول مخلوق خلقه الله تعالى , وذلك لاختلاف الروايات الواردة في هذا المجال وهي :
القول الأول : أن أول مخلوق لله تعالى هو نور النبي محمد صلى الله عليه وآله .
ويمكننا أن نستنتج هذا الرأي من المروي عن سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ، حيث قال : «أول ما خلق الله نوري ، ففتق منه نور علي عليه السلام ، ثم خلق العرش واللوح ، والشمس وضوء النهار ، ونور الأبصار والعقل والمعرفة» . ـ 1
القول الثاني : أن أول مخلوق لله تعالى هو روح النبي صلى الله عليه وآله .
لما ورد عنه صلى الله عليه وآله : «أول ما خلق الله روحي» . ـ 2
القول الثالث : أن أول خلق الله هو العرش .
للمروي عن ابن عباس : «أول ما خلق الله العرش فاستوى عليه» . ـ 3
القول الرابع : أن أول الخلق لله تعالى هو القلم .
وهذا الرأي يستفاد به من عموم روايات أهل البيت عليهم السلام ، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام : «أول ما خلق الله القلم، فقال له : اكتب ، فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة» . ـ 4القول الخامس : أن أول الخلق لله تعالى هو الماء .
ويتحصل هذا الرأي من المروي عن جابر الجعفي , قال : جاء رجل من علماء أهل الشام إلى أبي جعفر عليه السلام , فقال : جئت أسألك عن مسألة لم أجد أحداً يفسرها لي , وقد سألت ثلاثة أصناف من الناس , فقال كل صنف غير ما قال الآخر , فقال أبو جعفر عليه السلام : وما ذلك ؟ فقال : أسألك , ما أول ما خلق الله عز وجل من خلقه ؟ فإن بعض من سألته قال : القدرة , وقال بعضهم : العلم , وقال بعضهم : الروح , فقال أبو جعفر عليه السلام : ما قالوا شيء , أُخبرك أن الله علا ذكره كان ولا شيء غيره , وكان عزيزاً ولا عز , لأنه كان قبل عزه وذلك قوله : (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) سورة الصافّات : الآية 180، وكان خالقاً ولا مخلوق , فأول شيء خلقه من خلقه الشيء الذي جميع الأشياء منه , وهو الماء . ـ 5
from: ملتقى الصفوة الثقافي [url]http://www.alsafwh.net/vb/showthread.php?t=413[/url]
القول السادس : أن أول خلق الله هو الهواء .
كما جاء في بعض تفاسير القرآن الكريم ، فقد ذكر العلامة القمي في تفسير قوله تعالى : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء) سورة هود : الآية 7، وذلك في مبدأ الخلق إن الرب تبارك وتعالى خلق الهواء , ثم خلق القلم , فأمره أن يجري , فقال : يا رب بم أجري؟ فقال : بما هو كائن , ثم خلق الظلمة من الهواء , وخلق النور من الهواء , وخلق الماء من الهواء , وخلق العرش من الهواء , وخلق العقيم من الهواء , وهو الريح الشديد , وخلق النار من الهواء , وخلق الخلق كلهم من هذه الستة التي خلقت من الهواء . ـ 6
القول السابع : أن أول خلق الله تعالى هو العقل .
كما هو المستفاد من المروي عن نبي الرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله : «أول ما خلق الله العقل» . ـ 7
السؤال : ما أصح هذه الأقوال ؟ فكل الأقوال لها الدليل في أولية الخلق ؟
وكيف يمكننا الجمع بين الأخبار المتعددة ؟
الجواب :
يذهب بعض العلماء رضوان الله عليهم للجمع والتوفيق بين هذه الأخبار التي جاء ذكرها في سياق الإستدلال بها في حجية الأقوال إلى حملها إلى إحتمالين :
الإحتمال الأول / أن بعض هذه الأخبار محمول على الأولية الإضافية .
الإحتمال الثاني / وأن بعضها الآخر محمول على الحقيقة .
وهذا يعني أن أولية نور النبي صلى الله عليه وآله حقيقة ، وغيره أولية إضافية نسبية .
ويبدو لي كجواب يحتمل أيضاً ، أن غموض الرأي وتعدد الأقوال ، إنما لتأكيد حقيقة ، وهي ان أول خلق الله من أسراره عز شأنه تعالى ، إنما هذه الأقوال والروايات ، جاءت لتأكيد قدرة وعظمة الباري ، وكعلاج مبدئي مبسط لبعض تساؤلات الناس والله العالم .
أسأل الله لي ولكم السلامة والتسديد
بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين