يا برقُ طالعْ منزلاً بالأبرقِ
واحدُ السحابَ لهُ حداءَ الأينقِ
دمنٌ لَوَتْ عَزْمَ الفُؤادِ ومَزَّقَتْ
فيها دُموعَ العَيْنِ كلَّ مُمَزَّقِ
لا شَوْقَ ما لَمْ تَصْلَ وَجْداً بالتي
تأبى وصالكَ كالآباءِ المحرقِ
يغلي إذا لم يضطرمْ ويرى إذا
لم يَحْتَدِمْ، ويُغِصُّ إنْ لمْ يُشْرِقِ
تأبى معَ التصريدِ إلا نائلاً
إلاَّ يكنْ ماءً قراحاً يمذقُ
نَزْراً كما استَكْرَهْتَ عائِرَ نَفْحَة ٍ
منْ فارة ِ المسكِ التي لم تفتقِ
ما مقربٌ يختالُ في أشطانهِ
مَلآنُ مِنْ صَلَفٍ بهِ وتَلَهْوقِ
بحَوَافِرٍ حُفْرٍ وصُلْبٍ صُلَّبٍ
وأشاعرٍ شعرٍ وخلقٍ أخلقِ
وبشعلة ٍ نبذٍ كأنَّ قليلها
في صَهْوَتَيْهِ بَدْءُ شَيْبِ المَفْرِقِ
ذو أولقٍ تحتَ العجاجِ وإنما
منْ صحة ٍ إفراطُ ذاكَ الأولق
تُغرَى العُيونَ بهِ ويُفْلِقُ شَاعرٌ
في نعتهِ عفواً وليس بمفلقِ
بمصعدٍ منْ حسنهِ ومصوبٍ
ومُجمَّع في خَلْقِهِ ومُفَرَّقِ
صلتانُ يبسطُ إن ردى أو إن عدا
في الأرضِ باعاً مِنْه ليسَ بضَيقِ
وتطرقُ الغلواءُ منه إذا عدا
والكِبْريَاءُ له بغيرِ مُطَرقِ
أَهدَى كُنارٌ جَدَّه فيما مَضَى
للمثل واستصفى أباهُ ليلبقِ
مُسْوَدُّ شَطْرٍ مثلَ ما اسوَدَّ الدُّجَى
مُبْيَضُّ شَطْرٍ كابيضَاضِ المُهْرَقِ
قد سَالَت الأَوضَاحُ سَيْلَ قَرَارة ٍ
فيهِ فمُفْترِقٌ عليهِ ومُلْتَقي
وكأنَّ فارِسُهُ يُصرفُ إذْ بَدا
في منته إبنَ الصباحِ الأبلقِ
صَافِي الأَديمِ كأنَّما أَلبَسْتَهُ
مِنْ سُنْدُسٍ بُرْداً ومِنْ إستبرَقِ
إمليسهُ إمليدهُ لوْ علقتْ
في صَهْوَتَيْهِ العَيْنُ لم تَتَعلٌّقِ
يُرْقَى وما هو بالسَّليمِ ويَغْتَدِي
دونَ السلاحِ سلاحَ أروعَ مملقِ
في مطلبٍ أو مهربٍ أو رغبة ٍ
أو رَهْبَة ٍ أَو مَوْكِبٍ أَو فَيْلَقِ
أمطاكهُ الحسنُ بنُ وهبٍ إنهُ
داني ثرى اليدِ منْ رجاءِ المملقِ
يحصى معَ الأنواءِ فيضُ يمينهِ
ويعدُّ منْ حسناتِ أهلِ المشرقِ
يستنزل الأَمَلَ البَعِيدَ بِبشْرِهِ
بشرَ الخميلة ِ بالربيعِ المغذقِ
وكذا السحائبُ قلما تدعو إلى
معروفها الروادَ إنْ لمْ تبرقِ
مجلي قتامِ الوجه يذهلُ إنْ بدا
لكَ في النديِّ عنِ الشبابِ المونقِ
لوْ كانَ سيفاً ما استبنتَ لنصلهِ
مَتْناً لِفَرْط فِرنْدِهِ والرُّوْنَقِ
ثبتَ البيان إذا تحيرَ قائلٌ
أضحى شكالاً للسان المطلق
لم يتبعْ شنعَ اللغاتِ ولا مشى
رَسْفَ المُقَّيدِ في حُدُودِ المَنْطِقِ
في هذه قسم الكلامِ وهذهِ
كالسورِ مضروباً لهُ والخندقِ
يَجْنِي جَناة َ النَّحلِ مَنْ أَعْلَى الرُّبَا
زَهَراً ويَشْرَعُ في الغَديرِ المُتْأَقِ
أُنُفُ البَلاغة ِ لا كَمَنْ هُوَ حَائرٌ
متلددٌ في الموتعِ المتعرقِ
عِيرٌ تَفرَّق إنْ حَدَاها غَيْرُه
ومتى يسقها وادعاً تستوسقُ
تَنْشَقُّ في ظُلَمِ المَعاني إِنْ دَجَتْ
منه تباشيرُ الكلامِ المشرقِ
ألبسْ سليمانَ الغنى وافتحْ لهُ
باباً إزاء الخفضِ ليسَ بمغلقِ
واقرُبْ إليهِ فإنَّ أحرى المزنِ أنْ
يروي الثرى ما كانَ غيرَ محلقِ
عَتُقَتْ وَسِيلتُه وأَيَّة ُ قِيمَة ٍ
للتبعيِّ العضبِ إنْ لمْ يعتقِ
وتخطَّ بزته فربتْ خلة ٍ
في دَرْجِ ثَوْبِ اللاَّبِسِ المُتَنَوقِ
شَنْعَاءُ بَيْنَ المَرْكَبِ الهمْلاَجِ قَدْ
كَمَنَتْ وبينَ الطَّيْلَسانِ المُطْبَقِ
,
,
,
أَيُّها البَرْقُ بِتْ بأَعْلَى البِرَاقِ
واغْدُ فِيها بِوَابِلٍ غَيْدَاقِ
وتعلمْ بأنهُ ما لأنوائكَ
إنْ لمْ تروها منْ خلاقِ
دِمَنٌ طَالَما التقَتْ أَدْمُعُ المُزْن
عليها وأدمعُ العشاقِ
شرقاتُ الأطلالِ بالماءِ منْ
تلــكَ العَزَالِي مُلِثَّة ً والمَآقِي
حفظَ اللهُ حيثُ يممَ إسماعِيلُ
وَلْيَسْقِهِ مِنَ الغَيْثِ سَاقِ
قَدْ سَقَتْني الأَيَّامُ مِنْ يَدِها
سُمـماً لفقدي لهُ بكأسٍ دهاقِ
ولعلي أدالُ منها بلا عهدٍ
ولا ذِمَّة ٍ ولاَ مِيثَاقِ
فأُجَازِي يَوْمَ الرَّحيل ولا
تُدْركني رقة ٌ ليومِ الفراقِ
يا أَبا القاسمِ المُقسَّمَ ما بَيْـن
شغافي مثاله والصفاقِ
لوْ تطلعتَ في ودادي إذاً
فاجاكَ بينَ الحشا وبينَ التراقي
وشجتْ بيننا الأخوة ُ إنَّ الودَّ
عرقٌ زاكٍ منَ الأعراقِ
ذاكَ خلٌّ جهدتُ جهدي فلم أحصِ
انتفاعي بفهمهِ و ارتفاقي
لَوْ تَرَى ذَبَّهُ هُنَالِكَ دُوني
لَمْ تَلُمْني في حُب أَهلِ العِرَاقِ
ما تَملَّيْتُ مِثْلَ ذاك الْحِجَا المُعْــرِقِ
في الْحِلمِ والسَّجايا العِتاقِ
معَ ما قَدْ طَوَيْتُ مِنْ سائِر النَّاسِ
وما قدْ نشرتُ في الآفاقِ
وعذابٌ لو أنها أطمعتْ زادتْ
على الشهدِ بسطة ً في المذاقِ
ناعِماتُ الأَطْرافِ لَوْ أَنَّها تُلْـبسُ
أغنتْ عن الملاءِ الرقاقِ
جددٌ كلما غدا يومَ فخرٍ
بعضهمْ في خلاقة ِ الأخلاقِ
يهجُرُ الهجرَ والمقابحَ علماً
أنَّ شتمَ الأعراضِ عارٌ باقِ
فإذا القومُ ألجئوهُ إلى ذالِك
أَلَفوْا لِسَانَهُ في وَثاقِ
خالصُ الودِّ والهوى في زمانٍ
كدُرَ الودّ فيهِ غيرَ النفاقِ
ووجَدْتُ الإخوانَ رزْقاً أغرَّ الوَجْــهِ
مِنْ بَيْنِ هذِهِ الأرْزَاقِ
قَدْ دَنَتْ حَلْقَتا خِنَاقي فَراخَى
بِأَياديهِ عَقْدَ ذَاكَ الْخِنَاقِ
هُمْ شَليلٌ ونثرة ٌ حِينَ لُفَّتْ
في غَداة ِ الهَيَاج سَاقٌ بِسَاقِ
لَوْ رَأَوْا كَوْكبَ المَنايا لَظلُّوا
نَحْوَها مُهْطِعِينَ بالأَعْنَاقِ
وتلادٌ ولم أرثهُ وكنزٌ
ليسَ منْ عسجدٍ ولا أوراقِ
ابو تمام
,