يا روضة الوادي
قفْ بالمنازلِ، واندبِ الأطلالَ
وسلِ الربوعَ الدَّارساتِ سؤالا
أينَ الأحبة ُ، أينَ سارتْ عيْسهم
هاتِيك تَقطَعُ في اليَبَابِ ألالا
مثلَ الحدائقِ في السَرابِ تراهمُ
الآلُ يعظمُ في العيونِ ألالا
سارُوا يُرِيدُونَ العُذَيْبَ لِيَشَربوا
ماءً بهِ مثلُ الحياة ِ زُلالا
فقفوتُ أسألُ عنهمُ ريحَ الصَّبا:
هل خيَّموا أو استظلُّوا الضَّالا
قالتْ تركتُ على زرودَ قِبابهم
والعيسُ تشكو من سراه كلالا
قد أسدلوا فوْقَ القِبابِ مَضَارِباً
يَسْتُرْنَ من حرّ الهَجِيرِ جَمالا
فانهضْ إليهمْ طالباً آثارهمْ
وارقلْ بعيسكَ نحوهم إرقالا
فإذا وَقَفْتَ على مَعالِمِ حاجِرٍ
وقَطَعْتَ أغواراً بها وجِبالا
قَرُبَتْ مَنَازِلُهم، ولاحَت نارُهم
ناراً قَدَ اشْعَلَتِ الهَوَى إشْعالا
فأنِخْ بها لا يرهبنّك أُسدُها،
الاشتياقُ يريكها أشبال
,
,
,
أيا رَوْضَة َ الوادي أجِب رَبّة الحِمَى ،
وذاتَ الثنايا الغرّ، يا روضة َ الوادي
وظللْ عليها من ظلالكَ ساعة ً
قليلاً، إلى أنْ يستقرَّ بها النَّادي
وتنصب بالأجوازِ منكَ خيامها
فما شئتَ من طلِّ غذاء لمنآدِ
وما شِئْتَ مَنْ وَبلٍ، وما شئتَ من ندًى ،
سَحَابٌ على باناتِهَا رائحٌ غَادِ
وما شئتَ من ظِلٍّ ظَلِيلٍ، ومن جَنًى
شَهِيٍّ لدَى الجاني يميسُ بميّادِ
ومن ناشدٍ فيها زَرُودَ ورَملَها،
ومن مُنشدٍ حادٍ ومن مُنشدٍ هادِ
,
,
,
قفْ بالطّولِ الدارساتِ بلعلعِ
واندبْ أحبَّتنا بذاكَ البلقعِ
قفْ بالدِّيارِ ونادها متعجباً
منها بحسنِ تلطُّفِ بتفجُّعِ
عَهدي بمِثلي عِندَ بانِكَ قاطِفاً
ثَمَرَ الخُدودِ وَوَرْدَ رَوْضٍ أينع
قالتْ:نعمٌ،قدْ كانَ ذاكَ الملتقى
في ظلّ أفناني بأخصَبِ مَوْضِعِ
إذا كانَ بَرْقي من بُرُوقِ مَبَاسِمٍ
واليوم برقي لمع هذا اليرمُعِ
فاعتبْ زماناً مالنا من حيلة ٍ
في دَفْعِهِ، ما ذنبُ مَنزِلِ لَعْلعِ
فعذرتها لمَّا سمعتُ جوابها
تشكو كما أشكو بقلبٍ موجعِ
وسألتها لمَّا رأيتُ ربوعها
مَسرَى الرّياحِ الذّارِيَاتِ الأرْبَعِ
هل أخبرَتْكِ رِياحُهم بمَقِيلِهِمْ؟
قالتْ: نعمْ قالوا: بذاتِ الأجرعِ
حيثُ الخيامُ البيضُ تُشرقُ للَّذي
تحويه من تلكَ الشموسِ الطُّلّعِ
,
,
,
ألا يا حَماماتِ الأراكَة ِ والبَانِ
ترَفّقْنَ لا تُضْعِفْنَ بالشجوِ أشجاني
ترَفّقْنَ لا تُظهرنَ بالنّوح والبُكا
خفيَّ صباباتي ومكنونَ أحزاني
أُطارحُها عند الأصيلِ وبالضحى
بحنَّة ِ مشتاقٍ وأنَّة ِ هيمانِ
تَنَاوَحَتِ الأرواحُ في غَيضَة ِ الغَضا
فمالتْ بأفنانٍ عليَّ فأفناني
وجاءتْ منَ الشَّوقِ المبرَّحِ والجوى
ومن طُرَفِ البَلْوَى إليّ بأفْنانِ
فمَن لي بجمعٍ والمحصَّب مِن مِنًى
ومَنْ لي بِذاتِ الأثْلِ مَنْ لِي بنَعْمان
تطوفُ بقلبي ساعة ً بعدَ ساعة ٍ
لوَجدٍ وتبريحٍ وتَلثُمُ أركاني
كما طاف خيرُ الرُّسلِ بالكعبة ِ التي
يقولُ دليلُ العقْلِ فيها بنُقصَانِ
وقبّلَ أحجاراً بها، وهو ناطقٌ
وأينَ مَقامُ البيتِ من قدرِ إنسانِ
فكَم عَهِدَتْ أن لا تحولَ وأقسمتْ
وليس لمخضوبٍ وفاءٌ بأيمانِ
ومنْ أعجبِ الأشياءِ ظبى ُ مبرقعُ
يشيرُ بعنَّابٍ ويومي بأجفانِ
ومَرعاهُ ما بينَ التّرائِبِ والحَشَا
ويا عَجَباً من روضة ٍ وَسَطَ نيرانِ
لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة ٍ
فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبة ُ طائفٍ،
وألواحُ توراة ٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ
رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني
لنا أُسْوَة ٌ في بِشْرِ هندٍ وأُخْتِهَا
وقيسٍ وليلى ، ثمَّ مي وغيلانِ
|