( حوار بين الناجي و الهالك )
[align=center]حوار بين الناجي و الهالك
هذه محاوراتٌ جرت بين رجلين، أحدهما من أولياء الله تعالى وعباده الصالحين الذين نجّاهم الله من نار جهنم، ..... والآخر من الهالكين المعذّبين فيها بألوان العذاب.
قال الناجي للهالك: كيف أصبحت يا فلان؟
قال: أصبحت في نعمة من الله، طالباً للزيادة، راغباً فيها، حريصاً على جمعها، ناصراً لدين الله، مُعادياً لأعداء الله، محارباً لهم.
قال الناجي: ومن أعداء الله هؤلاء؟ قال: كلُّ من خالفني في مذهبي واعتقادي.
قال: وإن كان من أهل لا إله إلاّ الله؟ قال: نعم.
قال: إن ظفرت بهم ماذا تفعل بهم؟ قال له: أدعوهم إلى مذهبي واعتقادي ورأيي.
قال: فإن لم يقبلوا منك؟ قال: أُقاتلهم وأستحلّ دماءهم وأموالهم، وأسبي ذراريهم.
قال: فإن لم تقد عليهم ماذا تفعل؟ قال: أدعوا عليهم ليلاً ونهاراً، وألعنهم في الصلاة، كلّ ذلك تقرُّباً إلى الله تعالى.
قال: فهل تعلم أنك إذا دعوت عليهم واعنتهم يُصيبهم شيء؟ قال: لا أدري! ولكن إذا فعلت ما وصفتُ لك، وجدت لقلبي راحةً، ولنفسي لذّة، ولصدري شفاء.
قال الناجي: أتدري لم ذلك؟ قال: لا، ولكن قل أنت.
قال: لأنك مريض النفس، مُعذّب القلب، مُعاقب الروح، لأن اللذة إنما هي خروجٌ من الآلام. ثم اعلم أنك محبوسٌ في طبقةٍ من طبقات جهنم، وهي الحُطمة نار الله المُوقدة التي تطَّلِع على الأفئِدة، إلى أن تخلُص منها وتنجو نفسك من عذابها، إذا لقيتَ الله عز وجل كما وعد بقوله: "ثم ننجّي الذين اتقّوا ونذر الظالمين فيها جثيّا." ثم قال الهالك للناجي: أخبرني أنت عن رأيك ومَذهبك وحال نفسك كيف هي؟ قال: نعم، أما أنا فإني أرى أني قد أصبحت في نعمة من الله وإحسان لا أُحصي عددها، ولا أُؤدّي شكرها، راضياً بما قسم الله لي وقدَّر، صابراً لأحكامه، لا أُريد لأحدٍ من الخلق سواءاً، ولا أُضمر لهم دَغَلاً، ولا أنوي لهم شراً؛ نفسي في راحة، وقلبي في فُسحة، والخلق من جهتي في أمانٍ! أسلمت لربي مذهبي، وديني دين إبراهيم عليه السلام! أقول كما قال: "فمن تبعني فإنه مني، ومن عصاني فإنك غفور رحيم". "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".[/align]
|