عرض مشاركة واحدة
   
 
قديم 11-28-2009, 12:31 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
vip

الصورة الرمزية ولد بير جابر

إحصائية العضو






 

ولد بير جابر غير متواجد حالياً

 


المنتدى : همسات وخواطر
افتراضي بين انجراف السيول ونزف جراح المفودين ونزف اقلام الكتاب جدة تذرف الدمع

اختلف الكتاب في عنونة مقالاتهم ..واتفقوا على ان جدة حزينة
فمنهم من سماها زوجة المسيار و منهم من استعاد مسمى قديم لها جدة غير ومنهم من لقبها بالعروس العجوز ومنهم من وصفها الغريقة في شبر ماء ومنهم من لام في نكبتها اهمال المسؤلين
المشاعر متوافة وان اختلفت طريقة التعبير عن هذه المشاعر
ولانني من عشاق جدة اثر في نفس نزف تلك الاقلام الحزينة فنقلت ما ازبدت به هذه الاقلام لانثرها لكم على خد هذه الصفحة مع دعائي لله القدير ان يعود لعروس البحر سحر رونقها ويللم جراحها ويوفق المسؤولين على تفادي اخطاء السابق لمنع تكرار المآسي في المستقبل اليكم ما جادت به قريحة الكتاب في التعبير عن مشاعرهم انقلها لكم هنا كخاطرة احسستها بعد جولاتي بين سطور ما خطه هؤلاء الكتاب



عروس البحر .. زوجة مسيار!

انجراف السيول ونزف جراح المفودين

خلف الحربي

كلنا نحب جدة لكننا نهرب من واجباتنا تجاهها، كلنا نعشق لحظاتها الساحرة لكننا نختفي فجأة حين تطالبنا بحقوقها علينا، نتعامل معها مثل زوجة المسيار نذهب إليها كلما أردنا الدفء والحنان، نلقي في حضنها البحري همومنا، وحين تتحدث هي عن همومها واحتياجاتها نتذكر مواعيدنا المهمة التي لا تحتمل التأجيل!.
وهبنا الله واحدة من أجمل مدن الأرض، مدينة عالمية بامتياز، لكننا شوهنا جمالها، سرقنا الكحل من عينيها، قصصنا شعرها الأسود الطويل، لوثنا ثوبها الأزرق الأنيق، كذبنا عليها ودربناها على الكذب، خبأناها طويلا تحت الدرج حتى انحنى ظهرها، أمطرناها بالمسكنات حتى أدمنت الألم!.
ليس المطر وحده الذي يفضح شيخوخة العروس، بحيرات الصرف الصحي أيضا تؤكد أن هذه العروس مصابة بالزهايمر؛ لأنها تسمي المياه الآسنة (مسكا) وعنبر!، شوارعها المغلقة المليئة بالحفر تكشف عن تجاعيدها التي لا يمكن أن تخفيها كل عمليات التجميل، بيوتها التي شيدت دون صكوك تثبت أنها عروس لم توثق عقد زواجها واكتفت بالعقد العُرفي.
كم مرة قلنا إننا سنعوضها عن كل ما فات، كم مرة تملكنا الحماس كي نجعل منها أجمل نساء الأرض، ثم فقدنا حماسنا حين تذكرنا العمل الطويل الذي تتطلبه منا هذه المهمة، والغريب حقا أننا واثقون تمام الثقة بأنها متى استعادت شبابها فإنها لن تخذلنا، فليس ثمة عروس مثلها، لكننا حين نتذكر ظروفها وظروفنا، مشاكلها ومشاكلنا، أولوياتها وأولوياتها، ننسى الوعود التي قطعناها ونحن واثقون تمام الثقة بأنها تعودت على النسيان!.
فلنفكر في الأمر بطريقة مختلفة، لنعمل على إعادة بهائها من أجل أنفسنا وليس من أجلها، نعم نحن نحبها بجنون، ليس ثمة مجال للشك في شعورنا تجاهها، ولكن لنفعل ذلك حبا بأنفسنا وليس حبا بها، سنكون الرابح الأكبر حين تستعيد بهاءها، هل ثمة عاقل يكون لديه مثل هذه العروس الفاتنة ويتركها تتآكل في زوايا النسيان؟!.



تسونامي جدة


انجراف السيول ونزف جراح المفودين
سعد عطية الغامدي


الشـائع عن جدة أنها تغرق في شبر ماء، فكيف بها ولم تكن كمية الأمطار التي هطلت عليها تتجاوز ثلث شبر أي (72 ملم) كما ورد في تقارير الأرصاد.
كــان يوم التروية يوماً رويت جدة فيه بما يزيد عن احتياجاتها، وبلغت وفياتها حتى اللحظة قرابة المائة والرقم مرشح للزيادة، إضافة إلى الذين تم إخلاؤهم أو الذين يحتاجون إلى إيواء.
كمــا أن مشهد السيارات التي تحولت إلى حطام يثير الرعب وهي تفوق (3500) سيارة مما يثير العديد من التساؤلات والاستفهامات بل ويستدعي المساءلة.
ضحايــا في موسم الأضاحي وشتان ما بينهما، فالأولى يحيط الإهمال واللامبالاة بالأسباب الموصلة إلى مصيرها، ويسأل السائل: أين القائمون على مشاريع البنى التحتية عن كوارث سابقة محلية وعالمية سببها القصور والإهمال، وعدم مراعاة المعايير الأولية للسلامة ولو كان احتمال الخطر ضئيلا جداً؛ لأنه حين يقع لا يبقي ولا يذر.
كــان ممن يشاهد ما يجري عاملان بنغاليان يقول أحدهما للآخر: يأتينا شهران في السنة تكون الأمطار شبه اليومية أضعاف هذه ولم نر ما رأيناه هنا من دمار وأعطال وإغلاق للشوارع وتعطيل للرحلات.
هــل يستيقظ ضمير الخدمة العامة في نفوس المؤتمنين على حياة الناس وسلامتهم وقد جرى ما جرى؟ أم أنهم يشاهدونها شأنهم شأن أي متفرج ثم تطوى الصفحة إلى مشاريع جديدة بأخطاء جديدة وضحايا جدد؟ ولو عدنا إلى صفحة الإدارة «بالمشاهدة» كما هي في «الكايزن» في مفهوم اليابان شرقاً، أو «بالتجوال» كما هي في المفهوم الغربي، لرأينا رائدها الفاروق عمر رضي الله عنه وهو يجوب أحياء المدينة كل ليلة، أو حين يخشى على نفسه إن عثرت بغلة بالعراق فيسأل: لم لم يسو لها عمر الطريق؟




فعلا .. جدة غييييييير

انجراف السيول ونزف جراح المفودين

د. حمود أبو طالب


ما يحدث في هذه المدينة غير ما يحدث في أية مدينة أخرى، داخلية أو خارجية، ولعل هذا هو السر الذي لم نفطن إليه حين أطلقوا عليها «جدة غير».. مدينة أطلقوا عليها أوصافا أخرى لا يصح منها سوى وصف حقيقي واحد هو أنها «غير» في مأساتها المزمنة..
اختلفوا كثيرا هل ينطق اسمها بالضم أم بالكسر، ولم يهتموا بمن يكسرون عظامها ومفاصلها.. منحوها لقب العروس ولم يهتموا كثيرا بالحال المزري الذي تبدو به هذه العروس التي شاخت وتهدلت ملامحها..
أقول إن ما يحدث فيها غير لأن ما صرف عليها غير ما صرف على مدن أخرى مشابهة لها في الظروف والاتساع والبيئة.. مليارات لا حصر لها تتدفق في ميزانيات أجهزتها منذ زمن طويل وهي إلى الأسوأ دائما، أليس هذا «غير» بالفعل ؟؟..
إنها مدينة لا تقع على ضفاف نهر عظيم لكي تكون مهددة باجتياحه لها في أية لحظة. مدينة لا تقع تحت مصبات الشلالات الهادرة التي يمكن أن تطمرها بالماء في دقيقة أو أقل.. هي مدينة ساحلية مثل مئات المدن غيرها، لكن لا تشبهها أي من تلك المدن في تعاستها وخيبتها..
من المخجل والمحزن جدا أن نشاهد مدنا أكبر منها في بلاد الله، لا يصرف في ميزانيتها أقل القليل مما يصرف في جدة، ومع ذلك تهطل الأمطار هناك على مدار الساعة بينما الحياة تسير بشكل طبيعي، لا غرقى ولا انهيارات ولا موت لكل شرايين الحياة.. مدن أخرى في بعض البلدان التي تعتمد ميزانياتها كثيرا على مساعداتنا تسير الحياة فيها بشكل لائق رغم كل تقلبات الطقس، وهذه الـ «جدة» تتحول إلى حطام بعد فترة قصيرة جدا من المطر.. أليس هذا غير طبيعي أبدا ؟؟..
ما حدث يوم الأربعاء الماضي في جدة ليس مفاجأة كبيرة، قد يكون صورة أسوأ لما حدث في مرات سابقة ولكنه متوقع طالما كل شيء يسير فيها بهذا الإهمال واللامبالاة وعدم محاسبة كل من تسبب فيه سابقا ولاحقا..
القول بأن جدة لم تكن تحظى بما يكفيها من ميزانيات لإنهاء مآسيها قول فيه الكثير من عدم الدقة والتجاوز للحقيقة، المسألة نسبية إن كنا نريد الحديث بتجرد، فالمليار هنا يتحدثون عنه وكأنه ألف ريال أو مليون في أحسن الأحوال، ومع ذلك فإن الدولة قد أعطت هذه المدينة مليارات تكفي لإنشاء مدن جديدة مثلها.. المشكلة ليست في المال ولكن في سوء إدارة المال، وعدم محاسبة المقصرين كما يجب..
جدة يا إخواننا وأخواتنا ليست سوى صورة مكبرة لنتائج الفساد المزمن الذي لا يسأل عنه أحد، فهل نحلم بيوم ينتهي فيه مسلسل جدة الرديء، وغيره من المسلسلات المشابهة ؟؟؟..



يوميات مدينة غارقة

انجراف السيول ونزف جراح المفودين

صالح إبراهيم الطريقي

كان يمشي في الطرقات يعد الضحايا على أرصفة جدة، فتح مذكراته وراح يدون ما حدث، وما فكر فيه، وما أحضرته الذاكرة من أمور كثيرة مرت في تاريخه وتاريخ مدينة قيل إنها «عروس البحر»، وحين يأتي المطر تصبح «مقبرة البحر».
كتب في (نوتة) يوم الخميس: قرأت البيان الصادر حول أمطار جدة الذي يقول «إن غزارة الأمطار تركزت على المناطق الجنوبية والشرقية الجنوبية ومركز بحرة، حيث بلغت في معدلها العام 90 ملم، وقد تسببت هذه الأمطار في إحداث سيول منقولة عبر الأودية، داهمت الأحياء الشرقية والجنوب شرقية من محافظة جدة، وأدى ذلك إلى انهيار بعض المنازل الضعيفة وقطع الطرق الرئيسية والفرعية وجرف عدد من السيارات وارتفاع منسوب المياه داخل الأحياء السكنية ونتج عن ذلك عدد من الإصابات ووفاة 44 شخصا (ارتفع العدد إلى 83)، وقد باشرت فرق الدفاع المدني الأرضية والجوية إنقاذ وانتشال الأشخاص المحاصرين والمحتجزين وتم إنقاذ 351 بواقع 181 حالة إنقاذ جوي و170 حالة إنقاذ أرضي وإنقاذ مائي، كما تم دعم موقف عمليات الإنقاذ بفرق جوية إضافية وفرق أرضية وإنقاذ مائي من العاصمة المقدسة وحرس الحدود».
ضحك على رقم 90 ملم قائلا: لو كتب 9 سم، لن يكون الرقم كبيرا، ولكن أليس غريبا أن تغرق جدة بسبب 9 سم؟
وماذا لو جاءت عاصفة كاترينا أو تسونامي، هل كانت جدة ستموت؟
ضحك أيضا على الأودية التي تصب على الأحياء، وتساءل: لماذا لا تصب هذه الأودية في البحر؟
هل يعقل إلى الآن لم يتم إصلاح مجاري جدة التي صرف عليها المليارات، يقولون إننا صرفنا على البنية التحتية أكثر مما صرف على قارة أفريقيا بأكملها، ومع هذا ما زالت جدة تغرق بـ 9 سم؟
هاتفه صديقه ليخبره ما الذي حدث لوالد ووالدة زوجته اللذين كانا على سقف السيارة ينتظران من ينقذهما من مياه ارتفعت 9 سم، ولولا قدوم ابنهما «ياسر بسيارته الجمس» وصراعه لينقذهما، لجرفتهما مياه الأودية التي تصب على الطرقات.
ما أن خرجا من تلك المغامرة حتى جاء الدفاع المدني، ليؤكد لهما: «احمدوا ربكم أنتم أحسن من غيركم البقية ماتوا».
تساءل؛ هل سجلت محافظة جدة هذه العملية على أنها واحدة من العمليات التي قام بها الدفاع المدني، أم سجلت باسم ياسر الذي كاد أن يموت أيضا في تلك المغامرة الخطرة، التي أجبر عليها؛ لأن والديه كانا فوق السيارة لساعات، كان على حافة الموت؟
تجاهل السؤال، وتجاهل البيان، وراح يحصي ضحايا الأمطار التي كانت نسبتها 9سم، قيل إن الضحايا، وصلوا إلى 48، قيل إن الأرقام في تصاعد، قيل أيضا إن لا أحد استقال من الأمانة، قيل أيضا: إن علينا أن نقبل بالقضاء والقدر، وهذا حق ولا يمكن الجدال فيه، ولكن لماذا كانت الأودية تصب على الجهة الشرقية من أحياء جدة؟
لماذا لم تمنع الأمانة أن تقام الأحياء في هذه المنطقة التي تصب فيها الأودية؟
ولماذا وضعت الطريق في مجرى الأودية إن لم تستطع الأمانة جعل الأودية تصب في البحر؟
نكمل غدا ..




جدة.. ورق التوت



جهير بنت عبدالله المساعدانجراف السيول ونزف جراح المفودين



قد يقول قائل إن «جدة» مر عليها ما مر على غيرها من فيضانات وسيول وأمطار وأعاصير، لم تترك بعدها إلا المواجع، فلماذا يرى بعضنا أن (جدة غير)؟
لأن التعبئة الإعلامية ظلت تصور للعالم كله (جدة غير)! وأوهمتهم بالصورة المثالية لمدينة ليست إلا في الخيال! كل ما فيها مختلف لا يشبه المدن الأخرى.. صمودها.. شوارعها.. مبانيها.. حاراتها وحتى الحياة فيها غير! ويوم أن جاء المطر زائرا على حين غرة.. وكأنها لفرط تحضرها لا تعرف دور الأرصاد الجوي، ولم تستفد من وجوده، وكأنها على غفلة انتبهت إلى أن المطر كثير عليها ولن يقواه تحملها فلم تقاوم بل استسلمت للغرق، ست ساعات كشفت وهما عشناه سنوات نغني (جدة غير)! ولو أننا عندما رفعنا الشعار اقتربنا من الواقع كان يمكن تحققت النبوءة جدة غير أسرارها.. أفراحا وليس أضرارا، لكن لعبة الشعارات أخذتنا إلى أبعد بعيد.. ونسجنا من حلمنا صورة هي ليست موجودة غير في خيالنا السارح بعيدا عن الحقائق، وما حدث في جدة قد يكون أمرا فوق الإرادة بحكم كونه يدخل ضمن تصنيف الكوارث الطبيعية، لكن المؤسف أن حجم الكارثة لم يكن بحجم النتائج، ولم يكن بالقوة التي أدت إلى تلك الأفعال وردود الأفعال، جسور عمرها الإنشائي لا يزيد عن عام تحولت إلى بحيرات، وأنفاق في جدة غير صارت بحورا! ووفيات وسيول جارفة غطت أحياء كاملة بالماء ومنعت عنها الخدمات الضرورية، هذه هي القضية الأصلية أن الناس أجمعين كانوا في حالة استئناس واثقين أن جدة غير فلما جاءها المطر سقطت ورقة التوت وبان المخبأ! كيف غرقت أم البحر في ماء المطر؟ كيف تغرق وهي العطشانة؟ وكيف لم تحتمل عروس البحر الأحمر الماء؟ وكيف أحالها الماء الذي كانت تعيش فيه إلى قشة في مهب الريح؟ مما لا شك فيه ولا خلاف عليه أن الدعم الحكومي لإعمار المدن السعودية ـ خاصة ـ (جدة) ليس له مثيل في سخائه، وبالتالي لا يمكن قط أن تكون المشكلة هي نقص الأموال أو عجز الإمكانات والموارد. وإلا هناك جسور تكلفتها المادية بملايين الملايين ولم تحتمل المواجهة مع المطر، وهذا يدل على وفرة المال، إنما النقص في شيء آخر حان الوقت لمواجهته بحزم وعزم الرجال. لقد أسس الأمير المبدع خالد الفيصل مدينة أبها وأخرجها إلى الوجود من وراء الحجب إلى ذروة الضوء المبهر، ولكن في جدة قد تكشف لسموه أن المشكلة في الأساس ولن يستطيع أي أحد أن يبني على ما يحتاج إلى إعادة تأسيس، وهذا يعني أنه يجب علينا إعادة النظر في خطط بناء المدن السعودية وتجهيزها؛ كي تكون حاملة للقب غال اسمه المملكة العربية السعودية، يقول لي من أثق في كلمته إنه سمع حوار اثنين من الأجانب يعلقان ويقولان ممكن أن يحدث هذا في بنقلاديش لكن السعودية!! وهذا يكفي كي نعيد التفكير في المستقبل وإلى الغد.




مساءلة المسؤولين



انجراف السيول ونزف جراح المفودين
عبده خال


يوم واحد زارت الأمطار هذه المدينة أدت إلى اجتياحات مائية، ودخلت السيول إلى العديد من الأحياء ارتفعت فيها أعداد الوفيات الناجمة عن الأمطار (على جدة وما حولها) إلى 83 شخصا، والعدد قابل للزيادة كون تحذيرات الدفاع المدني قد وصلت عبر رسائل جوالية تؤكد أن الأمطار لا تزال تتهيأ للهطول على هذه المدينة التي تركت بلا تصريف سيول أو صرف صحي. وكلما ارتفعت الأصوات مستغيثة ومتنبئة بما يمكن أن يحدث ألجموا أفواهنا بأن المشروع قائم ويحتاج لخمس سنوات، وهذه الخمس السنوات مطاطية، كما أن الوعود جعلتهم لا يقومون بإيجاد خطط بديلة في حالة غرق جدة.
والذين توفوا كان من الممكن أن يصلوا لعشرات المئات، فجهد الدفاع المدني قلل من عدد الوفيات بانتشاله لـ853 شخصا من الغرق.
هذا على مستوى الأنفس، بينما أحدثت الأمطار دمارا كاملا للممتلكات، وصدعت كباري وهوت بشوارع وأغرقت سيارات.. بمعنى آخر، الأمطار أحدثت عريا كاملا لكل الأوضاع التي كنا ننادي بالتنبه لها في غياب وجود تصريف للسيول.
ومن وقف على حالة الناس وهي تصارع الموت غرقا سيشعر بالغضب على كل جهة أهملت دورها لتترك الناس يقابلون الحالات الطارئة بأجسادهم وممتلكاتهم.
والكارثة التي سوف تحدث (في الأيام القادمة) هي غرق عشرات الأحياء؛ لأن مواقعهم داخل أودية كانت ضامرة، وسبق أن كتبت لائما الأمانة في السماح لتجار العقار ببيع أراضٍ سكنية وسط أودية.. وهذا الوضع ما زال مستمرا.. ومن لا يصدق لينظر إلى الأحياء الجديدة التي قامت في بطون الأودية.
ومع التغيرات المناخية ستكون الأمطار أكثر هطولا، ما يعني جرف تلك الأحياء إلى النهاية الحتمية.. وصمت الأمانة عن هذا لن يجبرها أحد على فتح فمها حين تقع الكارثة، وستقول إنه قضاء وقدر.
ولأننا نموت بهذا العذر في أمور كثيرة، فسنجد أن هناك من يبرر هذه الكارثة بأنها من القضاء والقدر ولن يذكر الإهمال الطويل لمسببات هذا القدر.
ثم من نظر إلى الطرق الطويلة أو القصيرة بعد هطول المطر سيلحظ أن الأرض هبطت أو تشققت، أي أن الأرض مادت تحت السيارات التي تساقطت كسمك الساردين وتشققت بعض الكباري.
يعني إيه هذا؟
أعيد القول: لا بد من إخضاع جميع الجهات المسؤولة عن كارثة الأمطار للمساءلة القانونية، فالإهمال المتبع أدى إلى وفاة أناس وفقد ممتلكات وتخريب لبنية تحتية كنا نظن أنها تأسست بصورة صحيحة فإذا بها قشرة.
كما أحمل الأمانة مسؤولية أية كارثة قادمة على الأحياء القاطنة داخل الأودية.
وأعتقد أن تعويض المتضررين تتحمله عدة جهات يجب أن تقوم بدورها لتعويض الناس عما فقدوه.





شبر جدة!


انجراف السيول ونزف جراح المفودين
خالد حمد السليمان

حتى في الموت يريد البعض أن يحملوا الموتى مسؤولية موتهم، ويتجردوا تماما من المسؤولية، وكأنهم غير معنيين بها، والحمد لله أنهم لم يطلبوا محاكمتهم أيضاً فما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها!
نعم .. ماتوا؛ لأن بيوتهم غير المرخصة، المبنية في مخططات غير معتمدة، والمشيدة في أحياء عشوائية غير قانونية، كانت أشبه بعلب الكباريت التي تنتظر ما يسقطها على رؤوس ساكنيها، لكن المسؤولية هنا لا تقع على رأس مخالف القانون وحده، بل أيضا على من سمح له أن يخالف القانون، ومن وقف متفرجا لعشرات السنين على بؤر الأحياء العشوائية وهي تكبر وتتمدد وتلتهم الأراضي وتدوس على القوانين وشروط التخطيط والبناء والسلامة، وقد تنبه الأمير خالد الفيصل لخطر العشوائيات منذ لحظة توليه منطقة مكة المكرمة، وجعلها من أولويات برنامج عمله، وها هي الأحداث اليوم تثبت رؤيته.
المسؤولية مشتركة، وتتحملها كل جهة سكتت على وجود هذه الأحياء في مجرى السيول، أو واجهت المشكلة سنين طويلة على الورق بدلا من مواجهتها على الواقع؟
هذه الأحياء العشوائية لم تشيد في الربع الخالي، وإنما في مدينة جدة التي تملأ السمع والبصر، ولم يكن مقبولا أن تجد مثل هذه المخالفات المتراكمة عبر السنين الفرصة للنمو دون أن تتصدى لها الإدارات المختصة بتنظيم وتخطيط وبناء المدينة منذ البداية.
مسكينة هذه الـ«جدة» .. تغرق في شبر الماء، كما تغرق في شبر من المشكلات، وشبر من التصريحات، وشبر من التقصير، وشبر من الإهمال، وشبر من الاستغلال وشبر من الانتهازية.


من عكاظ







التوقيع

رد مع اقتباس