عرض مشاركة واحدة

   
 
  #1  
قديم 11-09-2010, 12:08 PM
بلحارث االيمن بلحارث االيمن غير متواجد حالياً
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,492
افتراضي سيرة الملك عبد العزيز عليه رحمة الله

هو عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعه بن مانع بن ربيعه المريدي .

ولد في قصر الإمارة بالرياض في مساء يوم التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1297هـ الموافق الثاني من كانون الأول ( ديسمبر ) 1880م ، أبوه الإمام عبدالرحمن ( رحمهما الله جميعا )

عاش فترة صباه تحت رعاية والده الذي تعهده بالتربية والتعليم والتدريب على الفروسية وغيرها من المهارات، وقد تتلمذ على يد القاضي عبدالله الخرجي من علماء الخرج بأمر من والده الإمام عبد الرحمن، فتعلم مباديءالقراءة والكتابة، وحفظ سورا من القرآن الكريم وقرأه كاملا على الشيخ محمد بن مصيبيح، ثم تلقى بعض الدروس في أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، كما تعلم استعمال البندقية وركوب الخيل منذ الصغر، واشتهر بالنشاط والحركة الدائمة حيث لا يستقر في مكان واحد فترة طويلة، وامتاز بالذكاء وحدة الطبع فتفوق على أقرانه في كثير من الخصال، وكان يميل كثيرا إلى سماع تاريخ وأخبار جده الإمام فيصل بن تركي من كبار السن والرواة.

عاصر الأحداث التي اضطرت والده إلى الخروج بأهله وأولاده من عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) وهو في الحادية عشرة من عمره ضمن قافلة تضم بعض أفراد أسرة الإمام عبد الرحمن وأقاربه ورجاله وذلك في النصف الأخير من شهر رمضان سنة 1308هـ أواخر نيسان ( أبريل ) 1891م فعاش متنقلا في البادية آلفا حياتها القاسية ومكاره عيشها صابرا على الظمأ والجوع والتعب وافتراش الأرض، ومحتملا حرارة الشمس الملتهبة وليالي الشتاء القارسة، فكانت هذه المصاعب والمشاق جانبا من جوانب تكوين شخصية هذا الشاب، وجزءا لا يتجزأ من خبراته التي صقلتها الأيام منذ الصغر فقد وجد نفسه قبل أن ينضج شبابه يألف خشونة الحياة ومصاعبها، وتقلبات الزمن وطباع الناس المختلفة.

كما وجد نفسه يدخل في المفاوضات ويقوم بالسفارات وهو في ريعان شبابه حيث أرسله والده إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين ليأذن لأسرة آل سعود بالإقامة في جواره ، فذهب عبد العزيز واستطاع الحصول على الموافقة ثم أرسله والده ثانية إلى الهفوف ليفاوض الأتراك كي يسمحوا لهم بالإقامة في الأحساء ولكنه في هذه المرة لم يستطع انتزاع موافقتهم ورفضوا الطلب .

ثم قام الإمام عبدالرحمن بمخاطبة الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر الذي وافق مرحبا بقدومهم، فانتقل الجمع إلى هناك في شهر صفر سنة 1310هـ الموافق آب ( أغسطس ) 1892م وانضم إليهم باقي الأسرة التي في البحرين، ومكث الإمام ومن معه في قطر قرابة الأربعة الأشهر طرأ خلالها تغير على سياسة الدولة العثمانية فأبدت رغبتها في الاتفاق مع الإمام عبدالرحمن وتأمين تحركاته، فتم الاتفاق بينه وبينهم عن طريق متصرف الأحساء على أن يقيم الإمام هو وأسرته في الكويت وتدفع له الدولة ( ستين ليرة ) مشاهرة وقد وافق ابن صباح على أن يقيموا في بلاده، فانتقلت الأسرة من قطر إلى الكويت في جمادى الأولى سنة 1310هـ الموافق تشرين ثاني ( نوفمبر ) 1892م وعاش الإمام في دار أعدها له ابن صباح قضى فيها الشاب ( عبدالعزيز ) قرابة العشر سنين كانت مليئة بالدروس في فن السياسة العملية، وحافلة بأساليب المحاورات والمفاوضات فقد قرّبه الشيخ مبارك الصباح منه، وسمح له بحضور مجالسه السياسية، وأحاديثه مع ممثلي الحكومات الأجنبية كالإنجليزية والروسية والألمانية والتركية بعد أن رأى فيه صفات الذكاء والفطنة، وشاهد في عينيه الشجاعة والحماسة، ووجد في حديثه الجرأة واللياقة والحكمة، فأحبه وقرّبه إليه ليصبح ابنه ورفيقه في مجالس الحكم متنبئا له بالشأن العظيم، فهو منذ سنوات عمره الأولى تبدو عليه سمات النجابة والوعي، وتتشكل فيه مخايل الرجولة والفروسية وتكامل الشخصية وسعة الأفق وتوقد الذكاء وقوة الحجة والبيان، والميل إلى التأمل والتفكير العميق، وعندما بلغ العشرين من عمره تجلّت مواهبه العديدة، وبرزت فيه ملامح الزعامة وصفات القيادة بما هيأه الله له من قوة في الجسم وبراعة في الحرب وسداد في الرأي، وإيمان بالحق وجرأة في اتخاذ القرار السليم، ولم تكن هذه الصفات لتجتمع أو تتوفر إلا لقائد فذ أو ملك عظيم، فأصبح هذا الشاب شعلة متوقدة من النشاط والحماس لم يغمض له جفن ولم يهدأ له بال وهو يرى حكم آبائه وأجداده يذهب أدراج الرياح وهو يعيش بعيدا عن بلاده ومسقط رأسه، فكانت عينه دائما ترمق السيف بنظرة كلها شوق وأمل هاجسه الوحيد الملك المفقود، وحلمه الكبير استعادة ذلك الحكم المسلوب .

يقول الشيخ عبدالعزيز التويجري في كتابه ( لسراة الليل هتف الصباح ) أنه حدّثه أحد كبار السن قائلا :
( ذهبنا إلى الكويت وكنا ثلاثة رجال وبيننا شاعر من البادية، وفي نيتنا أن نتعرف إلى أولاد الإمام عبدالرحمن الفيصل فزرناه، ثم طلبنا منه أن يرسل معنا من يوصلنا إلى أولاده للسلام عليهم، فأرسل معنا أحدهم، وبعد السلام أخذ عبدالعزيز يسألنا عن أحوال البلاد وأمنها والأحداث الدائرة هناك، وهل حكم الشرع نافذ فينا ؟ فوقف البدوي وقال يا عبدالعزيز عندي قصيدة، فرد عليه فيمن ؟ فقال : فيك . قال : أنا هنا في الكويت غريب، مجهول، ليس لي دور في شيء ! تمدحني بالشجاعة ؟ لم أفعل شيء ! بالكرم ؟ أنا لا أملك مالا حالي هنا مستور . فرد عليه الشاعر إني واحد من شعرائك ومن رجالك يا عبدالعزيز والبلاد اليوم في حاجة إليك اسمعها تقول لك، وأنشد بصوت مرتفع :




عبد العزيز أبطيت وأخلفـت ظنـي
..........................................وكثر البطا يحدث على الرجل خذلان
يا أميـر دوك فتوقهـا وضحنـي
...............................................ت يّنـت لأهـل الدلايـل والأذهـان



أصغى إليه الأمير الشاب ثم قال : سنتقابل والأحداث على صعيد أرضنا الطاهرة إن شاء الله ) .. انتهى .
وبالفعل جاءت المحاولة الأولى لاستعادة عاصمة الآباء والأجداد ( الرياض ) في عام 1318هـ ( 1901م ) عندما تحرك الشيخ مبارك الصباح على رأس جيش كبير ومعه الإمام عبدالرحمن لمحاربة ابن رشيد، وعندما وصل الجيش إلى (الشوكي) في الدهناء استغل عبدالعزيز هذه الفرصة واستطاع إقناع والده والشيخ مبارك بأن يذهب على رأس سرية من رجاله لفتح الرياض وبذلك يضطّر ابن رشيد إلى أن يقاتل بجيشه على جبهتين مختلفتين مما يضعف صفوفه ويزيد من فرص الانتصار عليه، فأذنا له بالسير إلى هناك فقطع المسافة ما بين الشوكي والرياض في يومين، فعلمت حامية ابن رشيد بالأمر وخرجت للتصدي له بقيادة عامل ابن رشيد على الرياض ( عبدالرحمن بن ضبعان ) فقاتلها عبدالعزيز وهزمها ودخل المدينة ، ثم لجأت الحامية إلى داخل القصر ( المصمك ) وتحصّنت فيه فحاصرها عبدالعزيز وباشر في حفر نفق إلى داخل القصر وفي الجهة الأخرى دارت الحرب الطاحنة بين ابن رشيد والشيخ مبارك في مكان يسمى ( الصريف ) في القصيم على مقربة من الطرفية في 17 ذي الحجة سنة 1318هـ الموافق 7 أيار ( مارس ) 1901م ، كان النصر فيها من نصيب ابن رشيد وقواته فعاد الشيخ مبارك إلى الكويت ومعه الإمام عبدالرحمن الذي أرسل إلى ولده عبدالعزيز يحذره ويطلب منه ترك محاصرة الرياض والعودة بمن معه إلى الكويت خوفا عليهم من قوات ابن رشيد بعد نشوة هذا الانتصار، فاستجاب الابن لطلب والده وكان رأيا صائبا من الاثنين فالرأي والحكمة قبل الشجاعة .

ولكن عبدالعزيز لم تطل إقامته في الكويت هذه المرة بعد أن ذاق حلاوة النصر وكاد أن يصل إلى هدفه، فاستأذن والده لتكرار المحاولة وطلب منه مخاطبة الشيخ مبارك لأخذ الإذن له ومنحه المساعدة اللازمة، وتحت الإلحاح القوي والإصرار الشديد وافق الإمام عبدالرحمن وخاطب الشيخ مبارك لتسهيل المهمة فوافق الشيخ مبارك وقام بتزويده بأربعين ذلولا ، وثلاثين بندقية، ومائتي ريال وزادا يكفيه ومن معه ، وقال له مباركا خطواته :
البلد بلدك، والأهل أهلك، متى ما ضاقت بك السبل عد إلينا تجدنا كما كنا. فشكره عبدالعزيز وودّعه أجمل وداع وخرج من الكويت في أربعين رجلا من آل سعود والموالين لهم وفي الطريق انضم إليه العديد من الرجال ليصبح عدد رجاله يربو على الستين رجلا، فأكمل مسيرته حتى وصل إلى ( يبرين ) بسرية تامة، وهناك تفقّد رجاله الثلاثة والستين استعدادا للزحف على الرياض واستردادها .

يقول الملك عبدالعزيز : " افتكرنا مع ربعنا فيما نعمل، فاتفق الرأي على السطو على الرياض فلربما حصلت لنا فرصة في القلعة نأخذها بسياسة، لأنه في الظاهر كانت علينا جواسيس . "

وفي هذه الأثناء وصلت رسالة من الإمام عبدالرحمن، قرأها الملك عبدالعزيز ثم جمع رجاله حوله لاستشارتهم حيث قرأ عليهم الرسالة وقال : " لا أزيدكم علما بما نحن فيه وهذا كتاب والدي يدعونا للعودة إلى الكويت قرأته عليكم، أنتم أحرار فيما تتخذونه لأنفسكم، فمن أراد الراحة ولقاء أهله فإلى يساري إلى يساري . "
فتواثب الجميع إلى يمينه معلنين قرارهم التاريخي بأن يصحبوه حتى يتحقق الحلم الغالي بإذن الله عندها التفت جلالته إلى مبعوث والده وقال له: " سلم على الإمام وخبره بما رأيت واسأله الدعاء لنا، وقل له إن موعدنا إن شاء الله في الرياض . "

وقد اضطر الملك عبدالعزيز إلى اتباع سياسة التخفي نظرا للمخاطر التي كانت تحيط بهم، فأقام مع رجاله في الربع الخالي حتى تنصرف الأنظار عنهم . يقول الملك عبدالعزيز : " أخذنا أرزاقنا وسرنا وسط الربع الخالي ولم يدر أحد عنا أين كنا ، فجلسنا شعبان بطوله إلى عشرين رمضان ثم سرنا إلى العارض . "

ثم بدأ الملك عبدالعزيز في تنفيذ خطته حيث تحرك برجاله في الواحد والعشرين من شهر رمضان سنة 1319هـ ووجهته الرياض فوصل إلى مورد ( أبو جفان ) يوم عيد الفطر، وفي 4 شوال الموافق الثالث عشر من كانون ثاني ( يناير ) سنة 1902م وصل إلى ( ضلع الشقيب ) الذي يبعد عن الرياض ساعة ونصف للراجل، وكانت الساعة الثالثة بالتوقيت العربي (التاسعة ليلا زوالية) فترك عند الإبل والأمتعة عشرين رجلا لحراستها وليكونوا مددا وعونا عند الحاجة وقال لهم:
" إذا ارتفعت الشمس ولم يأتكم خبرنا فعودوا إلى الكويت وكونوا رسل النعي إلى أبي وإذا أكرمنا الله بالنصر فسأرسل لكم فارسا يلوّح لكم بثوبه إشارة إلى الظفر ثم تأتوننا " وتقدم بالأربعين الآخرين ومن ضمنهم أخيه محمد وابنا عمه عبدالله وفهد آل جلوي ، فدخل بساتين نخل في شرقي الرياض يقال لها ( الشمسية ) .

يقول الملك عبدالعزيز : " فنحن مشينا حتى وصلنا محلا اسمه ضلع الشقيب يبعد عن البلد ساعة ونصف للرجلي، هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا على أرجلنا الساعة السادسة ليلا، وتركنا عشرين رجلا عند الجيش والأربعون مشينا لا نعلم مصيرنا ولا غايتنا، ولم يكن بيننا وبين أهل البلد أي اتفاق . "

وفي بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض استبقى الملك عبدالعزيز ثلاثة وثلاثين رجلا من رفاقه وجعل قيادتهم لأخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن كقوة مساندة عند الحاجة وقال لهم : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ! إذا لم يصل إليكم رسول منا غدا فأسرعوا بالنجاة واعلموا بأننا قد استشهدنا في سبيل الله ) .



يتبع
</b></i>
رد مع اقتباس